2007-03-14 15:48:34

البابا في مقابلته العامة: الحياة المسيحية اقتداء بالمسيح


حوالي خمسة وعشرين ألف شخص احتشدوا اليوم الأربعاء في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان ليصغوا إلى تعليم البابا بندكتوس الـ16 الأسبوعي في مقابلته العامة المعتادة الذي تمحور حول وحدة الكنيسة بالمسيح عند القديس إغناطيوس الإنطاكي.

عرض البابا لسيرة حياة القديس إغناطيوس وهو ثالث أسقف على مدينة أنطاكية العظمى بعد القديس بطرس حيث دعي التلاميذ لأول مسيحيين. وهي أيضا ثالث أهم مدينة في الإمبراطورية الرومانية بعد روما والإسكندرية وتقع حاليا في تركيا. وقد وجه إغناطيوس رسائل إلى كنائس أفسس ومغنيسيا وتراليا وروما، كتبها، وهو في طريقه إلى روما لينفَّذ فيه حكم الإعدام مرميا إلى الوحوش الجائعة، شدد فيها على وحدة الكنيسة الجماعة بالمسيح.

قال البابا إن اللهف الشديد للاتحاد بالمسيح والحياة فيه حتى أن أيا من آباء الكنيسة لم يفِ هذا اللهف تعبيرا كما فعل إغناطيوس الذي يلتقي في تفكيره تياران روحيان: فكر بولس الرسول التواق للاتحاد بالمسيح وفكر يوحنا الإنجيلي المركّز على الحياة في المسيح وبدورهما يصبان في الاقتداء بالمسيح الذي دعاه إغناطيوس أكثر من مرة "ربي" و"ربنا".

إن نزوع إغناطيوس الذي لا يقاوم نحو الاتحاد بالمسيح يؤسس لصوفية وحدة حقيقية وشخصية، وهو الذي يصف نفسه في رسالته إلى أهل فيلادلفيا بحامل مهمة الوحدة. فالوحدة بالنسبة له حق إلهي قبل كل شيء وهو الذي ردد دوما أن الله وحدة ولا تجد الوحدة ذاتها نقية وأصيلة إلا في الله، وليست الوحدة التي يسعى المسيحيون لتحقيقها على الأرض إلا اقتداء أكثر مطابقة للنموذج المثالي الإلهي. وهكذا يبني إغناطيوس رؤيته للكنيسة المتناغمة أعضاؤها مع الرأس الذي هو الأسقف.

إذا تتبعنا رسائل القديس إغناطيوس، تابع البابا يقول، للمسنا نوعا من جدلية ثابتة ومثمرة بين ناحتي الحياة المسيحية المميزتين: من ناحية البنية الهرمية للجماعة الكنسية ومن ناحية ثانية الوحدة الأساس التي تربط كل المؤمنين بالمسيح. وبالتالي فلا تصادم ولا تضارب بين هذه الأدوار لأن الإصرار على تناغم الشركة الأخوية بين المؤمنين كافة يتجلى بأفضل الصور والأوصاف التي يسوقها إغناطيوس في رسائله كالقيثارة والاوتار والإنشاد والجوقة. وإذ يشدد على دور الأساقفة والكهنة والشمامسة البالغ الأهمية في إرساء وتشييد البيعة والجماعة، يدعو بالحري إلى المحبة والوحدة: "كونوا واحدا".

وأضاف البابا قائلا إن إغناطيوس ليعد حقا "معلم الوحدة" وحدة الله ووحدة المسيح ووحدة الكنيسة ووحدة المؤمنين "في المحبة والإيمان التي لا يفوقهما شيء". وهو يدعو كل المسيحيين أمس كما اليوم إلى الجمع بين التشبه بالمسيح (الاتحاد معه والحياة فيه) وبين التكرس لكنيسته (الاتحاد بالأسقف وخدمة الجماعة والعالم) والخلاصة كلها في إيجاد قاسم مشترك بين الشركة والرسالة كي يظل المؤمنون على روح واحد غير منقسم.

وفي الختام، حيا الأب الأقدس المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بلغات عديدة وتلا معهم صلاة الأبانا ثم منح الجميع بركته الرسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.