2007-01-12 12:02:51

في كلمته إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي البابا يقول أن إحلال السلام في العالم ممكن فقط من خلال احترام كرامة الإنسان البشري


استقبل البابا بندكتوس السادس عشر صباح اليوم الاثنين في الفاتيكان أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، كما جرت العادة في مطلع كانون الثاني يناير لتبادل التهاني بحلول العام الجديد. وجه الحبر الأعظم لضيوفه كلمة مسهبة تطرق فيها إلى الأوضاع الراهنة على الصعيد الدولي، سيما في البلدان التي تعاني أكثر من غيرها من الحرب والجوع وأزمات سياسية واقتصادية.

استهل البابا كلمته متطرقاً إلى آفة الجوع التي ترزح تحت وطأتها أعداد كبيرة من الرجال والنساء والأطفال، وقال إن هذه المأساة تحملنا على السعي الدؤوب إلى إلغاء الأسباب الكامنة وراء الجوع والفقر ووضع نظام اقتصادي عادل يأخذ في عين الاعتبار احترام البيئة والتنمية البشرية في جميع أبعادها.

بعدها أعرب البابا عن قلقه حيال ارتفاع حجم النفقات العسكرية على الصعيد العالمي، والصعوبات الكثيرة التي تقف عائقاً في وجه الحد من التسلح، وانتشار الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل. وفيما يتعلق بالأزمات الإنسانية التي تعاني منها مناطق عدة، سطر الحبر الأعظم ضرورة أن تمد الجماعة الدولية يد المساعدة إلى المنظمات الدولية كيما تجد حلولاً ناجعة لهذه الأزمات، وتؤمنَ حياة لائقة للمهجرين واللاجئين.

هذا ثم تحدث البابا عن المشاكل الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية التي تعاني منها القارة الأفريقية، معرباً عن قلقه إزاء المحاولات الرامية إلى زعزعة أسس العائلة المبنية على الزواج بين رجل وامرأة. وحيا قداسته الجهود التي تبذلها الجماعة الدولية بهدف تحقيق النمو في القارة السوداء، وضمان احترام كرامة الكائن البشري وحقوقه الأساسية وفي طليعتها الحق في الحرية الدينية.

وتطرق البابا إلى الأزمة الإنسانية الخطيرة الراهنة في إقليم دارفور السوداني، داعياً إلى تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي وحكومات الدول المعنية بالنزاع لوقف الاقتتال، وإيجاد تسوية سلمية للنزاع الدائر هناك منذ أربع سنوات. هذا ثم وجه البابا نداء إلى جميع الأطراف المتورطة في المصادمات المسلحة الدائرة في منطقة القرن الأفريقي كيما تعتمد طريق التفاوض وتضع لغة السلاح جانباً. كما تمنى ألا تنقطع محادثات السلام في أوغندا كيما ينعم البلد الأفريقي بالأمن والسلام بعد حرب طال أمدها، وأمل بأن يعم السلام والاستقرار أيضاً منطقة البحيرات الكبرى، سيما بوروندي، جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا.

بعدها ذكّر البابا بالزيارة الرسولية المرتقب أن يقوم بها إلى البرازيل في مايو المقبل، معرباً عن قربه من أهالي هذا البلد وسكان أمريكا اللاتينية كلها. وسطر قداسته ضرورة السعي إلى معالجة المشاكل الاقتصادية، ومكافحة الفقر والفساد وتهريب المخدرات، وتأمين توزيع عادل للثروات الطبيعية، وتوفير التربية للجميع وإيجاد حلول لآفة البطالة.

وقال البابا: يتوجه فكري بنوع خاص إلى كولومبيا حيث سببت الحرب الأهلية أزمة إنسانية حادة، داعياً إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزة في البلد الأمريكي اللاتيني. وتحدث قداسته عن الوضع الراهن في كوبا، مكرراً النداء الذي أطلقه البابا يوحنا بولس الثاني: "فلتنفتح كوبا على العالم، ولينفتح العالم على كوبا".

هذا ثم تحدث الحبر الأعظم عن المشاكل الراهنة في آسيا متمنياً أن يعود النمو الاقتصادي الذي تطمح إليه دول شأن الهند والصين (أن يعود) بالفائدة على شعوب هذه البلدان. وتطرق البابا إلى التوتر السائد في شبه الجزيرة الكورية، داعياً إلى الامتناع عن اتخاذ أية مبادرة من شأنها أن تعرض المفاوضات للخطر، وتحمل انعكاسات سلبية على السكان الذين هم بأمس الحاجة إلى المعونات الإنسانية. كما تمنى البابا أن يعود الأمن والسلام إلى ربوع أفغانستان وسريلانكا.

أما فيما يتعلق بالشرق الأوسط، ذكر البابا بالرسالة التي بعث بها إلى الجماعات الكاثوليكية المحلية لمناسبة عيد الميلاد، معرباً عن قربه الروحي منها. وجدد البابا دعوته إلى جميع الأطراف المتورطة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كيما تعمل على بناء مستقبل سلام وأخوة. وأكد أن الحلول العسكرية لا تؤدي إلى أية نتيجة، كما أثبتت لنا الحرب التي شهدها لبنان الصيف الماضي. وقال البابا إن مستقبل هذا البلد يمر بالضرورة عبر الوحدة الوطنية، والعلاقات الأخوية بين مختلف فئات المجتمع.

وسطر قداسته ضرورة إيجاد حلول للأزمات الراهنة لا تستثني أحدا بل تأخذ في عين الاعتبار تطلعات الجميع وحقوقهم المشروعة. وتابع يقول: من حق اللبنانيين أن يُحترم استقلال بلادهم وسيادته، كما يحق للشعب الإسرائيلي أن يعيش بسلام، ومن حق الفلسطينيين أن يتمتعوا بدولة حرة ومستقلة. ويمكن بناء الثقة المتبادلة بين شعوب المنطقة من خلال احترام حقوق جميع الشعوب. كما دعا قداسته إيران إلى المساهمة في بناء هذه الثقة من خلال إعطاء أجوبة مقنعة حول برنامجها النووي تحد من مخاوف الجماعة الدولية، معتبراً أن موقفاً من هذا النوع سيساهم بدون أدنى شك في تعزيز الاستقرار في المنطقة كلها بدءا من العراق الذي يحتاج إلى الخروج من دوامة العنف وتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.

وفي ختام كلمته إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي أكد البابا أن إحلال السلام في العالم ممكن فقط من خلال احترام كرامة الإنسان البشري. وقال يمكننا أن نبني مستقبلاً أفضل إذا عملنا من أجل الإنسان المخلوق على صورة الله، هذا الإنسان الذي جاد الله بابنه الوحيد من أجل خلاصه، وأكد أن الكنيسة إذ تعمل جاهدة في خدمة الإنسان وبناء السلام تتعاون بتجرد مع كل الأشخاص ذوي الإرادة الحسنة لإرساء إنسانية شاملة.

وختاما رفع البابا صلاته مشفوعة بالأماني والأدعية على نية أعضاء السلك الدبلوماسي وعائلاتهم وذويهم ومعاونيهم والأمم التي يمثلونها.

وفي أعقاب اللقاء حدثتا سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي الأستاذ ناجي أبي عاصي عن انطباعه عن الكلمة التي وجهها البابا للسفراء، سيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط عموماً ولبنان خصوصاً:








All the contents on this site are copyrighted ©.