2006-11-29 16:17:24

قداسة البابا بندكتس السادس عشر يذكر بأن السلام الحق يحتاج للعدالة


مساء أمس الأربعاء، وفي مقر السفارة البابوية في أنقرة، التقى قداسة البابا بندكتس السادس عشر أعضاء السلك الديبلوماسي، ووجه كلمة ذكّر فيها بأن السلام ليس مجرد انعدام الحرب كما أنه لا يقتصر فقط على تأمين التوازن بين القوى المتخاصمة، بل هو ثمرة نظام رسمه المؤسس الإلهي في المجتمع الإنساني ويجب أن يتحقق بواسطة أناس لا ينفكون يتوقون إلى عدل أكمل.

وتابع الأب الأقدس يقول: "لقد تعلّمنا أن السلام الحق يحتاج للعدالة لتصحيح الفوارق الاقتصادية والفوضى السياسية التي تشكل دوما عوامل توتر وتهديد في المجتمع كله". كما وأشار البابا إلى أن تنامي الإرهاب وبعض النزاعات الإقليمية في الآونة الأخيرة قد سلّط الضوء على ضرورة احترام قرارات المؤسسات الدولية، لا بل دعمها ومدّها بالوسائل الفعالة لتلافي النزاعات. وأكد قداسته أن كل هذا غير كاف إذا لم يكن ثمرة حوار حقيقي بهدف التوصل إلى حلول سياسية مقبولة ودائمة تحترم الأفراد والشعوب.

وتطرق قداسته بنوع خاص إلى النزاع في الشرق الأوسط الذي يرخي بثقله على الحياة الدولية كلها ورحّب بالجهود التي تبذلها دول عديدة وبينها تركيا، الملتزمة اليوم بإعادة بناء السلام في لبنان، الضروري أكثر من أي وقت مضى. وذكّر الأب الأقدس بما قاله في رسالته احتفالا بيوم السلام العالمي للعام الجاري:"إن حقيقة السلام تدعو الجميع إلى زرع علاقات مثمرة وتحث على البحث عن دروب المسامحة والمصالحة والسير عليها وعلى الشفافية في التعامل والأمانة للوعود".

وأشار قداسة البابا في كلمته لأعضاء السلك الديبلوماسي إلى أن تركيا شكلت دوما جسرا بين الشرق والغرب، بين القارتين الأسيوية والأوروبية، وملتقى ثقافات وأديان، كما وأصبحت دولة عصرية كبيرة واختارت نظاما علمانيا يميز بوضوح بين المجتمع المدني والديانة، فسمحت لكل منهما بأن يكون مستقلا في بيئته الخاصة من خلال احترام البيئة الأخرى على الدوام. وذكّر قداسته بأن الدستور التركي يعترف بحق كل شخص بحرية العبادة وحرية الضمير، وأشار إلى أن واجب السلطات المدنية في كل بلد ديمقراطي هو ضمان حرية جميع المؤمنين والسماح لهم بتنظيم حياة جماعتهم الدينية بحرية.

وتمنى البابا بأن يتمتع المؤمنون على الدوام بهذه الحقوق، ولأي جماعة دينية انتموا، مع القناعة بأن الحرية الدينية هي تعبير أساسي للحرية البشرية وأن الحضور الفعال للديانات في المجتمع هو عامل نمو وغنى للجميع. هذا وحيا الأب الأقدس الجماعة الكاثوليكية في تركيا، الصغيرة من حيث العدد، والتي ترغب بالمشاركة في نمو البلاد، سيما من خلال تربية الشباب وبناء السلام والوئام بين جميع المواطنين.

وذكّر قداسة البابا في كلمته أيضا بالحاجة إلى حوار حقيقي بين الأديان وبين الثقافات، حوار قادر على مساعدتنا كي نتخطى معا جميع التوترات بروح تفاهم مثمر. وتابع البابا قائلا: أُجدد احترامي للمسلمين وأدعوهم لمواصلة الإلتزام معا، وبفضل الاحترام المتبادل، لصالح كرامة كل كائن بشري ومن أجل نمو مجتمع حيث الحرية الفردية والإهتمام بالآخر يسمحان لكل فرد بأن يعيش في سلام وهدوء. وأشار قداسته إلى أن الإعتراف بالدور الإيجابي الذي تلعبه الأديان في المجتمع قادر لا بل عليه أن يدفع مجتمعاتنا إلى تعميق معرفتها بالإنسان أكثر فأكثر واحترام كرامته، ووضعه في صلب العمل السياسي، الاقتصادي، الثقافي والاجتماعي.

وتابع البابا قائلا إن الكنيسة تلقت من مؤسسها رسالة روحية ولا تنوي أن تتدخل مباشرة في الحياة السياسية أو الاقتصادية. ولكنها، وبفضل رسالتها وخبرتها الطويلة في تاريخ المجتمع والثقافات، تأمل بأن تُسمع صوتها الخاص في معزوفة الأمم، كيما تُحترم كرامة الإنسان على الدوام، سيما كرامة الأكثر ضعفا. وأشار قداسته إلى أن صوت الكنيسة على الساحة الديبلوماسية يتميز دوما بإلإرادة الموجودة في الإنجيل، حول خدمة قضية الإنسان، وأضاف قائلا: سأتاوانى عن هذا الواجب الأساسي، إذا لم أذكركم بضرورة وضع الكرامة الإنسانية في جوهر اهتماماتنا.

وختم بندكتس السادس عشر كلمته إلى أعضاء السلك الديبلوماسي في أنقرة بالقول: "إن الكنيسة تبحث عن التعاون مع جميع المؤمنين والمسؤولين من جميع الأديان، سيما مع المسلمين وذلك "من أجل تعزيز العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة جميع الناس".








All the contents on this site are copyrighted ©.