2006-08-22 14:46:05

نافذتنا اليومية على أهم الأحداث العالمية الثلاثاء 22 أغسطس 2006


حرب ترفض أن تنتهي. ترنح الهدنة في لبنان ومخاوف من استئناف الاشتباكات 

هناك ما يشبه الإجماع على أن إسرائيل هزمت في حرب لبنان. أزمة سياسية في إسرائيل قد تطيح بحزب كاديما. ارتباك دولي لأن الحيثية الأساسية للقرار 1701 قامت على افتراض وصول الجيش الإسرائيلي إلى الليطاني. هلع رسمي عربي يعبر عن نفسه في تنامي عجز الأنظمة الحليفة لأمريكا وافتقادها للمبادرة من جهة وتسرع النظام السوري من أجل استغلال نتائج الحرب وتوظيفها في مشروعه للحرب الأهلية الدائمة في لبنان من جهة ثانية.

لقد اقتنع الجميع بأن الحرب الإسرائيلية التي شنت على لبنان حطمت أسطورة الردع الإسرائيلية وستفرض على الجيش الإسرائيلي تغييرات كبيرة في استراتيجيته وتكتيكاته. لكن رجلا واحدا في العالم يعتقد العكس معلنا هزيمة المقاومة في لبنان وانتصار إسرائيل. هذا الرجل يدعى جورج دبليو بوش. إسرائيل انتصرت ومعها انتصرت الديمقراطية في لبنان والشرق الأوسط. هذا ما أعلنه سيد البيت الأبيض في اللحظة التي تعيش فيها إسرائيل عاصفة البحث عن أسباب هزيمتها ويشكل وزير دفاعها لجنة تحقيق تلافيا للجنة تحقيق قضائية وترتفع صيحات دعوة المسؤولين الإسرائيليين إلى الاستقالة.

إن الرئيس الأمريكي قادر على صنع ما لا يخطر في البال وعلى دفع إسرائيل إلى الجنون والاستمرار في وتيرة الحروب المفتوحة التي شهد العالم أحد فصولها في فلسطين وقد يكون فصلها الثاني قد بدأ في 12 يوليو في لبنان تمهيدا للوصول إلى فصلها الثالث في إيران والذي سيكون بداية الخراب. وليس من قبيل الصدفة أن حذر وزير إسرائيلي من احتمال هجوم صاروخي تشنه إيران على إسرائيل في حال تدهور الأزمة بين واشنطن وطهران حول مشروع تخصيب اليورانيوم الإيراني. ودعا هذا الوزير إلى الاستعداد لمثل هذا الاحتمال.

وفي ما تصر إسرائيل على تسيير الرحلات الجوية باتجاه بيروت عبر الأردن لإجراء تدقيق أمني أعلنت شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا عن استئناف رحلاتها إلى بيروت ابتداء من يوم غد الأربعاء بحجم خمس رحلات في الأسبوع من فرانكفورت إلى العاصمة اللبنانية. يحصل هذا في الوقت الذي قال فيه مصدر عسكري إسرائيلي إن قوات تابعة للجيش الإسرائيلي قتلت 3 من مقاتلي حزب الله وإن جنديا إسرائيليا أصيب بجروح خطيرة في حادث منفصل أمس الاثنين في القطاع الغربي من جنوب لبنان. بالمقابل لا يزال الجيش الإسرائيلي يسيطر على بعض المواقع في الأراضي اللبنانية وتهدد خروقاته للقرار الأممي 1701 بترنح الهدنة واستئناف الاشتباكات.

مجلس الأمن الدولي ينظر حاليا في إمكانية إصدار قرار ثان بشأن لبنان يحدد المهام المنتظرة للقوات الدولية في جنوب لبنان. وفي واشنطن أكد بوش أن نشر قوة دولية في جنوب لبنان أمر ملح لكنه لم يحدد مع ذلك قواعد التدخل التي تصطدم بها الدول المرشحة للمشاركة في القوة. عن قيادة هذه القوة طلب وزير الخارجية الإيطالي عقد اجتماع استثنائي عاجل لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لتحديد قواعد تدخل القوات الدولية في لبنان وتكليف إيطاليا لقيادة هذه القوة. ويبدو أن أمين عام الأمم المتحدة سيتخذ قرارا نهائيا بهذا الشأن في مطلع الأسبوع القادم.

تلفزيونيا انتهت الحرب على لبنان في الوقت المطلوب رغم أنها إنسانيا تأخرت كثيرا أو ما كان يجب أن تبدأ أصلا. انتهت الحرب في لبنان في الوقت المناسب لأنها أوشكت أن تتحول إلى روتين تلفزيوني فتصرف القنوات عنها النظر ومعها المشاهدون وتصبح جزءا من شريط أرقام يومية لا تعني بالضرورة الشيء الكثير لمن يسمعها. ولنا في أرقام العراق اليومية مثال. وهذه حرب أخرى غير أخيرة تابعها العالم العربي عن قرب شديد إن لم نقل على المباشر بانتظار حرب جديدة قادمة ستكون أسبابها ما ارتكبه الجيش الإسرائيلي من جرائم في العدوان الأخير لأنه بفعله زرع بذور حروب أخرى.

من ميزات هذه الحرب أنها كانت حرب شاشات. ما أن تفارق الشاشة ساعة أو اثنتين وتعود حتى تجد مفاجأة أخرى. خبر جديد وصور جديدة في انتظارك. كانت حربا استثنائية وسريعة حتى لم نعد نعرف هل الخبر العاجل الذي نشاهده الآن أسفل شاشة القناة هو نفسه الذي شاهدنا قبل ساعة أو قبل دقائق. لكن عنف العدوان وهول الدمار في لبنان جعلا كل خبر يستحق صفة عاجل والاختلاف في الدرجات لا غير.

قد تكون الحرب انتهت تلفزيونيا لكن إدارة الرئيس بوش ما زالت مصرة على المضي قدما في سعيها لإقامة الشرق الأوسط الجديد الذي من خصائصه الجوهرية جعل إيران في عجز دائم عن امتلاك السلاح النووي على الرغم من أن طهران ما انفكت تؤكد التزامها الاستخدام السلمي للطاقة النووية. لإيران الحق في امتلاك السلاح النووي والحق في نفي عزمها على امتلاكه. فليس من دولة نووية في العالم أعلنت عزمها امتلاك السلاح النووي قبل أن تمتلكه. ولا شك في أن الترسانة النووية الإسرائيلية هي المصدر الأول الذي منه تستمد إيران شرعية حقها في أن تصبح قوة عسكرية نووية.

إيران لن تتخلى عن سعيها إلى امتلاك السلاح النووي والولايات المتحدة وإسرائيل مع قوى أخرى دولية وإقليمية لن تتخليا عن سعيهما لإحباط السعي النووي الإيراني. والتسليم بهذا وذاك يمكن ويجب أن يقودنا إلى الاستنتاج التالي وهو أن الضربة العسكرية لإيران آتية لا محالة.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.