2006-08-18 15:07:28

نافذتنا اليومية على أهم الأحداث العالمية الجمعة 18 أغسطس 2006


هل يدخل لبنان بعد الحرب الأخيرة حربا سياسية داخلية؟ 

في مواقف تصعيدية غطت على الخطوة التاريخية بانتشار الجيش اللبناني في الجنوب وصولا إلى الحدود للمرة الأولى منذ عام 1976 شهدت الساحة اللبنانية بعد أيام قليلة على توقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وصمود حزب الله عودة للسجالات السياسية من بابها الواسع وساهم في تأجيجها خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي اتهم قوى 14 آذار بأنها منتج إسرائيلي. ومن شأن هذه السجالات الإضاءة أكثر فأكثر على الثغرات في خطوة انتشار الجيش في الجنوب التي وصفتها قوى الأكثرية بأنها بمثابة تعايش ملتبس بين الجيش والمقاومة. زد إلى ذلك أن فعاليات سياسية بدأت تلوح باحتمال تغيير الحكومة وقيام حكومة وفاق وإنقاذ.

ولكن إذا كانت القيادة السورية تحرص أولا وفقط على تقوية قوى الرفض اللبناني للمشروع الإسرائيلي والأمريكي فعليها أن تترك تصريف العلاقات اللبنانية الداخلية للفعاليات اللبنانية نفسها. الصمت السوري في هذه الحالة أفضل بكثير من الكلام. ويتساءل البعض أين المقاومة السورية في الجولان؟ سوريا تترك الجولان المحتل والذي لا يجادل أحد من ناحية القانون الدولي حول سوريته من دون أي مواجهة فعلية. يقول الرئيس السوري المقاومة ليست بالضرورة العسكرية فحسب بل هي أيضا سياسية وثقافية. وهذا صحيح إذا كان المتحدث شخص محارب مثل حسن نصر الله لإقناع سامعيه أنه يحتاج لتنويع أشكال المقاومة. غير أن المتحدث هنا ممتنع بالأساس عن المبادرة بأي مقاومة عسكرية في الجولان.

إن إحدى معضلات التفكير الاستراتيجي السوري ومنذ عصر الراحل حافظ الأسد هو تصوره للصراع العسكري مع إسرائيل ضمن حدود الحرب النظامية والتوازن الاستراتيجي. غير أن التوازن الجديد للقوى ومنذ سنوات أثبت أن تنظيمات شعبية تحت الاحتلال راسخة في قطريتها هي الأنجع في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية. وبالرغم من حديث الرئيس السوري الشاب عن الأجيال الجديدة للمقاومة فإنه لا يبدو ماسكا بما يمكن لسوريا أن تقوم به في إطار الظروف والوسائل الجديدة. ولكن هل تستطيع القيادة السورية وحزب البعث الحاكم القيام بتجربة حرب شعبية حقيقية في الجولان السوري حتى وإن كان يستطيع المبادرة بأعمال عسكرية؟ هذا تساؤل هيكلي بالأساس ويطرح في الواقع تساؤلات جدية حول نجاح استمرارية النظام السوري بتركيبته السياسية المحدودة الراهنة. وهو ما يطرح إشكالية الوضع السياسي الداخلي في سوريا.

ومع الأمل بأن تتوصل القوى السياسية في لبنان إلى قاسم مشترك للخروج من المأزق السياسي الراهن بعيدا عن الضغوط الخارجية ذكرت مصادر أممية في بيروت أن أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان سيزور لبنان الأسبوع القادم ليتوجه بعدها إلى إسرائيل ودمشق وإيران. جولة تعكس اهتمام المنظمة الأممية بما يجري على الساحة الشرق أوسطية وبخاصة في ما يتعلق بدور إيران وسوريا في المنطقة. ويبدو أن هذه الزيارة ستتمحور أيضا حول تطبيق القرار الأممي رقم 1701.   

من ناحية أخرى شنت وسائل الإعلام المصرية والسعودية والأردنية حملة ضد الرئيس السوري بشار الأسد ردا على خطابه الذي اتهم فيه زعماء تلك الدول بأنهم أنصاف رجال واتخذوا أنصاف مواقف تجاه لبنان. وكتبت صحيفة الأخبار الحكومية المصرية أن بشار الأسد لم يتخذ نصف قرار للرد على العدوان الإسرائيلي ولم يحرك نصف جندي ولم يطلق نصف مدفع أو نصف صاروخ مضاد للطائرات لوقف الغارات. وتساءلت الصحيفة حول الصمت الرهيب في الجولان منذ أعوام طويلة دون إطلاق رصاصة واحدة. واتهمت صحف سعودية الأسد بأنه يسعى إلى سرقة النصر والمتاجرة بدماء الشهداء في قانا ومروحين. واتهمت صحيفة الرأي الأردنية الرئيس السوري بمحاولة سرقة النصر الذي حققه حزب الله على إسرائيل لصالحه. وفي مقالة رئيسية حملت عنوان تداعيات المواقف غير المسؤولة كتبت الصحيفة أن الذي أحرز هذا الانتصار وبذل دماءه وأرواحه لكي يحققه في وجه آلة الموت الإسرائيلية التي أمعنت في تدمير لبنان وبنياته التحتية وقتل أهاليه  هم اللبنانيون ولا أحد غيرهم.

الحرب الأخيرة أبرزت أن فشل الجيش الإسرائيلي في القضاء على حزب الله أعطى إيران ورقة رادعة مهمة تواجه بها التهديدات الأميركية. ولا يجمع الكل على أن إيران سعت لهذه المواجهة وأوعزت إلى حزب الله بخطف الجنديين الإسرائيليين ما حمل إسرائيل على شن هجومها على لبنان.  غير أن طهران نجحت في جني أرباح من هذه المواجهة كما أنها سارعت إلى استغلال فشل إسرائيل في تدمير صواريخ حزب الله لتوجيه تحذير قوي إلى الولايات المتحدة وإسرائيل. وتعلن واشنطن وتل ابيب أنهما لن تسمحا لبلد مثل إيران يدعو علنا إلى تدمير إسرائيل بامتلاك السلاح النووي ولا يستبعد البيت الأبيض اللجوء إلى القوة لمنعها من ذلك.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.