2006-08-08 15:30:15

نافذتنا اليومية على أهم الأحداث العالمية الثلاثاء 8 أغسطس 2006


تحرك عربي متأخر ومخاوف من أن تزرع الدبلوماسية بذور نزاع جديد في لبنان

المنطقة العربية بأسرها تقف حاليا على أبواب التغيير. إسرائيل تغيرت والعرب تغيروا أيضا. وملامح شرق أوسط جديد بدأت تتبلور فعلا انطلاقا من مثلث المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين. إسرائيل تغيرت لأن حروبها ضد العرب لم تعد في اتجاه واحد أي أن ترسل طائراتها لتقصف وتدمر وتقتل وتعود سالمة وينخرط العرب شعوبا وحكومات في الندب والعويل والحديث عن إرهاب الدولة وعقد مؤتمرات قمة تصدر قرارات شجب واستنكار. ويبدو أن المقاومة في لبنان والعراق وفلسطين فرضت أبجديات جديدة للصراع عنوانها الصمود والدفاع عن الأرض مهما تواضعت الإمكانيات. من هنا تحققت معجزة الانتصار الحالية في الجنوب اللبناني التي أحيت الروح في أمة ظن الكثيرون أنها ماتت.

وزراء الخارجية العرب الذين يمثلون أنظمة معارضة للمقاومات العربية هرعوا إلى بيروت لعقد اجتماعهم الطارئ خجلا وحياء من اللعنات التي انهالت عليهم من الشارع العربي وفي وصلة من التمثيل والادعاء بأنهم حريصون على لبنان ومتضامنون مع أهله. لقد تحرك العرب بعد أن أدركوا أن المقاومة في لبنان لن تقهر ولن تستسلم ولن تهرب رغم إمكاناتها المتواضعة. ومن المؤسف أن ذهبوا إلى بيروت بعد أن زارها وزير الخارجية الإيراني.

وزيرة الخارجية الأمريكية أبلغت حلفاءها العرب مسبقا بالمخططات الإسرائيلية لتدمير لبنان ونزع سلاح حزب الله بالقوة ووجدت منهم كل مباركة وتأييد. وهذا ما يفسر البيانات المتسرعة التي صدرت في السعودية والتي تدين حزب الله وتحمله المسؤولية وتتهمه بالإقدام على مغامرات غير مسؤولة ثم بعد ذلك وبدرجة أقل من الأردن ومصر. بعد 4 أسابيع من العدوان الإسرائيلي على لبنان وقتل المئات وتشريد الملايين من أبنائه بدأ العرب تحركهم الدبلوماسي بإرسال وفد إلى نيويورك لبحث تعديل مشروع قرار مجلس الأمن الذي يتجاهل المطالب اللبنانية في سحب جميع القوات الإسرائيلية وعودة مزارع شبعا إلى السيادة اللبنانية وتبادل الأسرى كشرط لوقف إطلاق النار. يحصل هذا بعد أن رحبت إسرائيل بحذر بإعلان لبنان نشر جيشه في المنطقة الحدودية بعد وقف لإطلاق النار.

هذا التحرك العربي المتأخر لن يعطي ثماره لأنه جاء نتيجة إحراج وليس نتيجة نوايا حقيقية لإنقاذ لبنان وشعبه وإلا لكان وزراء الخارجية العرب قد وجهوا تحية إلى المقاومة اللبنانية في بيانهم الختامي لأن هذه المقاومة هي التي تصنع التحول في المنطقة وتبلور بصمودها ملامح الشرق الأوسط الجديد الذي تتطلع إليه الشعوب العربية. مجلس الأمن الدولي سيصدر قراره بالشكل الذي تريده السيدة رايس والشروط التي يفرضها أولمرت وجنرالاته. لكن هذا لن يؤدي قطعا إلى وقف إطلاق النار. المواجهة الحالية في لبنان هي مجرد اختبار لمواجهات قادمة ربما تكون أكثر شراسة واتساعا وقد تحمل عناوين عديدة أبرزها الملف النووي الإيراني وتغير المعادلات والتحالفات في العراق.

بالمقابل هناك مخاوف داخل الصف اللبناني من أن تزرع الدبلوماسية بذور نزاع جديد في لبنان سيما بعد أن التزمت المساعي السياسية الدولية منطق التهدئة تحت غطاء وضع حد للأعمال الحربية والمأساة الإنسانية في ما وقف إطلاق النار لا يزال بعيدا. قال عضو في تحالف قوى 14 من آذار المناهضة لسوريا إن حزب الله دعم خطة البنود السبعة التي طرحها السنيورة في ضوء تحوله تدريجيا عن موقفه العقائدي سيما وأنه لم يكن  في وسع المقاومة أبدا مواجهة إسرائيل بدون تضامن وطني. زد إلى ذلك أن اللبنانيين مضطرون للتوافق في ما بينهم لأنه من المستحيل تصور حرب إبادة طائفية وإلا سيكون ذلك بمثابة انتحار جماعي.

مصر من جهتها تعارض مقاطعة إسرائيل وترفض إرسال قوات إلى الخارج. هذا ما أكده الرئيس مبارك في حديثه إلى أعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بخصوص الصراع بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية بعد أن دعت جماعات معارضة مصرية إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل. وأثارت الهجمات الإسرائيلية على لبنان غضب الرأي العام المصري ودفعت بعض القوى الإسلامية واليسارية إلى الدعوة لطرد السفير الإسرائيلي أو اتخاذ إجراءات اقتصادية ضد إسرائيل وحلفائها مثل الولايات المتحدة. في القاهرة جرت الثلاثاء مسيرة تضامنا مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية شارك فيها 100 نائب مصري معظمهم من جماعة الأخوان المسلمين طالبوا بطرد السفير الإسرائيلي وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع إسرائيل.

وفي سياق موجة الاحتجاجات على العدوان الإسرائيلي على لبنان منعت السلطات الأردنية أحد أحزاب المعارضة من تنظيم اعتصام الثلاثاء أمام السفارة الأمريكية في عمان للاحتجاج على الموقف الأمريكي من الهجمات الإسرائيلية على لبنان. وقال حزب الوحدة الشعبية وهو واحد من 14 حزبا معارضا إن الحاكم الإداري للعاصمة الأردنية أبلغ الحزب رفضه تنظيم اعتصام أمام السفارة الأمريكية. واستنكر الحزب في بيانه هذا القرار وطالب بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان وقال إن استمرار وجودها يشكل تحديا واستفزازا لمشاعر الأردنيين.

مرشد الثورة الإيرانية الإسلامية آية الله علي خمنئي دعا العالم الإسلامي إلى الدفاع عن حزب الله في حربه العادلة ضد إسرائيل. وانتقد عجز الأمم المتحدة عن القيام بدورها سيما حيال القضية اللبنانية. كما اتهم الولايات المتحدة إلى جانب عدد من البلدان الغربية بينها بريطانيا بمحاولة محو الوجود الإسلامي في المنطقة. وأخذ على بعض البلدان العربية المتواطئة مع إسرائيل ترددها في رفع راية العروبة والإسلام للدفاع عن شعوب المنطقة. أما وزير خارجية ماليزيا فدعا من جهته الدول الإسلامية إلى تسليح حزب الله وانتقد مشروع القرار الفرنسي الأمريكي حول لبنان لعدم احتوائه على طلب انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية.  

 








All the contents on this site are copyrighted ©.