2006-02-11 15:54:30

إنجيل الأحد 12 شباط فبراير 2006 وقفة تأملية حول كلمة الحياة


وأتاه أبرص يتوسل إليه، فجثا وقال له: "إن شئت فأنت قادر على أن تبرئني". فأشفق عليه يسوع ومد يده فلمسه وقال له: "قد شئت فابرأ" فزال عنه البرص لوقته وبرئ. فصرفه يسوع بعد ما أنذره بلهجة شديدة فقال له: "إياك أن تخبر أحدا بشيء. ولكن اذهب إلى الكاهن فأره نفسك، ثم قرب عن نفسك ما أمر به موسى، شهادة لديهم". أما هو، فانصرف وأخذ ينادي بأعلى صوته ويذيع الخبر، فصار يسوع لا يستطيع أن يدخل مدينة علانية، بل كان يقيم في ظاهرها في أماكن مقفرة، والناس يأتونه من كل مكان.

(مرقس 1/-40-45)

 

التأملRealAudioMP3

 

ترك يسوع كفرناحوم، حيث صنع عجائب وآيات كثيرة، لينطلق إلى الجليل في أول رحلة تبشيرية له، ويلتقي بأبرص يتوسل منه شفاء وخلاصا.

نجد في هذا النص قصتين بدل الواحدة: الأولى، شفاء الأبرص واستعادة بشرته وأيضا مكانته في المجتمع، أما الثانية والأهم، فهي حرب يسوع الشرسة التي شنها على العادات الصدئة والجامدة كي يظهر وجه الله الحقيقي. خطوة جريئة قام بها يسوع عندما لمس الأبرص مشككا مَن حوله. فقواعد الطهارة والطهور في مجتمع العهد القديم ضرورية للدخول في علاقة مع الله القدوس، ولأن الجسد مرآة النفس والمرض بالتالي نتيجة الخطيئة، وكل من يخل بها منبوذ ومرذول.

ما كان لمعجزة الشفاء أن تتحقق لو لم يتعد الاثنان معا قانون الفصل التقليدي السائد: فالأبرص تجرأ على الدنو من يسوع بعد أن سمع بأعماله وتوجه نحوه على أنه المسيح المنتظر، ويسوع تجاسر ولمسه رادا على هذا السؤال المفعم إيمانا: " قد شئت فابرأ ".

تسجل هذه المعجزة بداية أول حلقة من مسلسل نضال يسوع الطويل ضد كل أشكال الفصل والتمييز والإبعاد: فلا يحق لأحد، بعد الآن، أن ينبذ أو ينجس قريبه باسم الله؛ هذه هي البشرى السارة التي أعلنها يسوع والتي حملها الأبرص مروّجا. فرحة عظيمة لكل الفقراء والمهمشين والمرضى الذين لم يشفوا فقط بل طهروا وتنقوا أي أصبحوا أصدقاء الله. يريدنا يسوع أن نشابه الله "الذي يسمع تنهد الأسير ويطلق سراح أبناء الموت" (مز102 /21 ) ، بتطوير طاقات الحب فينا كما تصرف هو وصنع مع الأبرص. "أحبب قريبك كنفسك": لقد تخطى الرب حرفية الشريعة بحرية واعية وباهرة ليطبق وصية المحبة كما يجب أن تكون. ولما لم يكن المجتمع مستعدا بعد لفهم ما يحصل، صرف يسوع الأبرص وأنذره بلهجة شديدة ألا  يخبر أحدا عن صنيعه معه، وأن يذهب ويري نفسه إلى الكاهن..شهادة لهم.

فمنذ بداية بشارته العلنية، سطر يسوع درب نضاله بدماء، سوف يريقها على صليب الهوان، وهو البريء الطاهر، حبا بكل من سحقه وهمشه وأبعده المجتمع.

فيا حمل الله الرافع خطيئة العالم، طهرنا. قدسنا. خلصنا. آمين.

 

    

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.