2006-01-31 16:12:08

ورأى يسوعُ الجموعَ فأخذته الشَّفقةُ عليهم: عنوان رسالة البابا بندكتس السادس عشر لزمن الصوم الكبير لعام 2006


"ورأى يسوعُ الجموعَ فأخذته الشَّفقةُ عليهم"، هو عنوان رسالة البابا بندكتس السادس عشر لزمن الصوم الكبير لعام 2006، وجاء فيها أنَّ الصوم يشكِّل وقتًا ملائمًا للمسيرة الداخلية نحو مَن هو ينبوع الرحمة. مسيرة يرافقنا فيها عبر صحراء فقرنا، ويدعمنا في طريقنا نحو الفرح الفصحي. وحتى في "وادي الظلال" الذي يتحدَّث عنه صاحب المزامير،لا نخاف سوءًا لأنَّ الرب معنا. واليوم أيضًا، يصغي الرب إلى صراخ المتعطِّشين إلى الفرح والسلام والمحبَّة. وكما في كلِّ عصر، يشعرون بأنَّهم متروكون، ولكن، وحتى في مآسي البؤس والوحدة والعنف والجوع، التي لا تميِّز بين مسنٍّ وبالغ وطفل، لا يسمح الله بتحكّم ظلمة الرعب.

ويقول الأب الأقدس في رسالته إنَّه شاء التفكير بمسألة تُناقش باستمرار وهي النمو، وأشار إلى أنَّ يسوع وبنظرته يعانق الأفراد والجموع ويقدِّمهم للآب، مقدمًا ذاته ذبيحة كفارة. ويشدِّد قداسة البابا على مسؤوليتنا في مساعدة فقراء العالم، ويذكِّر بالرسالة العامة "ترقي الشعوب" للبابا بولس السادس الذي يندِّد فيها بالعوز المادي لجميع المحرومين من الحدِّ الأدنى الحيوي، وبالعوز الأخلاقي لجميع المشوَّهين بالأنانية.

ويقترح البابا بولس السادس ترياقًا لهذه الشرور، ليس الإعتراف فقط بكرامة الآخرين والتعاون في الخير المشترك وإرادة السلام، إنَّما اعتراف الإنسان أيضًا بالقيم السامية وبالله. ويشير البابا بندكتس السادس عشر إلى أنَّ أوَّل اسهام تقدِّمه الكنيسة لنمو الإنسان والشعوب، لا يتحقَّق بالوسائل الماديَّة والحلول التقنية، إنَّما في إعلان حقيقة المسيح الذي يربِّي الضمائر ويعلِّم الكرامة الحقيقية للإنسان والعمل، وذلك من خلال تنمية ثقافة تجاوب حقًا على تساؤلات الإنسان كلِّها.

ويقول قداسة البابا في رسالته إنَّ الصوم والصدقة، إضافة إلى الصلاة التي تقترحها الكنيسة بشكل خاص خلال فترة الصوم، تشكِّل مناسبة ملائمة كيما نتماثل مع "نظرة" المسيح. وأشار الأب الأقدس إلى أنَّ أمثلة القديسين وخبرات المرسلين التي تطبع تاريخ الكنيسة، تشكِّل إشارات ثمينة حول الطريقة الأفضل لدعم النمو، كما ونلاحظ بانَّ ما من مشروع اقتصادي، اجتماعي أو سياسي، يحل مكان عطية الذات للآخر، حيث تعبِّر المحبة عن ذاتها. ومن يعمل بهذا المنطق الإنجيلي يعيش الإيمان كصداقة مع الله المتجسّد، ومثله يهتم بحاجات القريب، المادية والروحية.

ويقول البابا في رسالته لمناسبة زمن الصوم:"بفضل رجال ونساء مطيعين للروح القدس، نشأت في الكنيسة أعمال محبَّة عديدة موجَّهة لتعزيز النمو: المستشفيات، الجامعات والمدارس. وهي مبادرات، قال الأب الأقدس، قدَّمت دليلاً على القلق الصادق حيال الإنسان، من قِبل أشخاص تحرِّكهم الرسالة الإنجيلية. وتدلُّ هذه الأعمال على طريقٍ لإرشاد عالم اليوم أيضًا إلى عولمة يكون خير الإنسان محورها، لتقود هكذا إلى السلام الحقيقي. وبرأفة يسوع على الجموع، تشعر الكنيسة اليوم بأنَّ مهمتها الأولي هي أن تطلب ممَّن يتحمَّل مسؤوليات سياسية، ومَنْ بيدهم زمام السلطة الإقصادية والمالية، تعزيز تنمية ترتكز إلى احترام كرامة كلِّ إنسان.

وشدَّد قداسة البابا بالتالي على أهميَّة الحرية الدينية والإسهام في بناء عالم تُنعشه المحبَّة، وذكَّر بالدور المركزي الذي تلعبه القيم الدينية الحقيقية في حياة الإنسان كجواب على تساؤلاته العميقة بالنسبة إلى مسؤولياته الشخصية والإجتماعية. وأضاف الأب الأقدس يقول: لا نستطيع تجاهل الأخطاء التي ارتكبها عبر التاريخ، من قالوا إنَّهم تلاميذ يسوع. فغالبًا، وأمام المشاكل الكثيرة التي كانت تُطرح، فكَّروا بأنَّه من الأفضل أوَّلاً تحسين الأرض، ومن ثم التفكير بالسماء.

وإلى هذا الخلاص الكامل، قال البابا بندكتس السادس عشر، يريد الصوم إرشادنا بانتظار انتصار المسيح على كلِّ شر يقمع الإنسان. وبالنظر إلى المعلِّم الإلهي واختبار رحمته بفضل سرِّ التوبة، نكتشف "نظرة" تسبر أغوارنا، قادرة على أن تنعش من جديد الجموع وكل واحد منا. وهذه النظرة تعيد الثقة لجميع الذين لا ينعزلون في التشاؤم . وفي ختام رسالته لزمن الصوم الكبير لعام 2006، قال البابا:أكل إلى مريم مسيرة صومنا، كيما تقودنا إلى ابنها، واكل إليها بنوع خاص جميع الذين، وحتى يومنا هذا، يطلبون المساعدة والدعم والتفهّم.








All the contents on this site are copyrighted ©.