2006-01-08 12:54:43

قداسة البابا يتلو صلاة التبشير الملائكي بعد أن منح سر العماد عشرة مولودين جدد وقال: المعمودية تُدخلنا في شركة مع المسيح وتعطينا الحياة


ترأس قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الأحد في كابلّة السكستين بالفاتيكان القداس الإلهي، ومنح خلاله سر العماد عشرة مولودين جدد. وألقى قداسته أثناء الاحتفال عظة قال فيها:

الهدف من سرّ العماد هو منح الأطفال الحياة الأبدية. يريد الأهل لأبنائهم السعادة. لكننا لسنا قادرين على منح أبنائنا هذه الهبة، لذا نتوجّه إلى الله ونلتمسها منه. فمن خلال سر العماد يُصبح الطفل جزءاً من جماعة لا تتخلّى عنه أبداً. وهذه الجماعة هي عائلة الله التي سترافقه دوماً حتى في أصعب أيام حياته. هذه العائلة تعطيه كلمات الحياة الأبدية وتدلّه على الطريق الواجب اتّباعها. تعطيه الصداقة والحياة. لا أحد منا يعلم ماذا سيحصل في المستقبل لكن مما لا شكّ فيه أن عائلة الله لن تزول أبداً. عائلة الله هي أزلية لأنها دخلت في شركة مع من انتصر على الموت، مع من يحمل بيده "مفتاح الحياة". أن نصبح جزءاً من هذه العائلة يعني أن ندخل في شركة مع المسيح، الطريق والحق والحياة. المعمودية تُدخلنا في شركة مع المسيح وتعطينا الحياة.

المعمودية هي هبة: هبة الحياة. لكن يتعيّن على المسيحي أن يعيش هذه الهبة. فأن نكون أصدقاء مع أحد ما يعني أن نقول "نعم" لهذا الشخص، وأن نقول "لا" لكل ما لا يتلاءم مع علاقة الصداقة هذه. يجب أن نقول "لا" للتجارب، للخطيئة وللشيطان. كان المسيحيون الأوائل يقولون "لا" للحياة الأرضية، وكل ما يقدّمه لهم العالم الوثني، من نمط عيش وثقافة. قالوا "لا" لثقافة الموت عندما كان العنف وسيلة للترفيه، يكفي التفكير بما كان يحصل في الملعب الروماني القديم في روما، عندما كان يُضطهد المسيحيون.

وفي عالمنا أيضاً يجب أن نقول "لا" لثقافة الموت، وللسعادة الوهمية الزائفة التي يقدمها لنا هذا العالم. ينبغي أن نرفض الظلم واحتقار الآخر، وكلّ ممارسة تجعل من الكائن البشري مجرّد سلعة. يجب أن نقول "لا" لثقافة الموت كيما نعزز ثقافة الحياة. ينبغي أن نقول "نعم" للمسيح، لمن انتصر على الموت، "نعم للحياة".  يجب أن نقول "نعم" للإله الحيّ، وللمسيح الإله الذي لم يبقَ بعيداً عن الأنظار بل تجسّد وأصبحَ إنساناً مثلنا. ينبغي أن نقول "نعم" للشركة مع الكنيسة التي يدخل من خلالها الله والمسيح إلى حياتنا اليومية.

الوصايا العشر ليست سلسلة من الرفض. الوصايا العشر تقول نعم للعائلة، للحياة، للحبّ المسؤول، نعم للتضامن والمسؤولية الاجتماعية والعدالة، نعم للحقيقة.

المعمودية هي هبة الحياة، وتدفعنا على أن نقول لا لثقافة الموت ونعم لهبة الحياة الحقيقية الموجودة في وجه المسيح الذي يقدّم نفسه لنا في سرّ المعمودية، ثم في سرّ الإفخارستية. فلنشكر الله على هبته هذه ولنصلِّ من أجل أطفالنا، كيما ينالوا الحياة الحقيقية، الحياة الأبدية آمين.

 

وفي نهاية هذا الاحتفال، أطلّ قداسة البابا من على شرفة مكتبه الخاص، كعادته ظهر كلّ أحد، ليتلو والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس صلاة التبشير الملائكي. قال البابا: نحتفل هذا الأحد بعيد معمودية الربّ يسوع. يتوجه نظرنا اليوم إلى المسيح الذي تعمّد في نهر الأردنّ من على يد يوحنا المعمدان. في سر العماد، ترمز المياه إلى تنقية القلب والحياة. كان يوحنا المعمدان يعد شعب الله لمجيء المسيح، وقال للجميع "يأتي من بعدي من هو أقوى مني ... أنا عمدتكم بالماء وأما هو فيعمدكم بالروح القدس". ويوحنا المعمدان قال عن يسوع المسيح "هوذا حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم".

كان سلفي السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني يمنح في هذا العيد سرّ العماد عدداً من المولودين الجدد. وكان لي هذا الصباح فرح أن أعمّد في كابلّة السكستين عشرة مولودين جدد. فمعمودية الأطفال تشكل تعبيراً عن سرّ الولادة الجديدة مع المسيح. ويبغي على الأطفال المعمّدين أن يقبلوا هذا السرّ ـ بعد أن يصبحوا بالغين ـ بطريقة حرة ومسؤولة. فليشكل هذا الأحد مناسبة لجميع المسيحيين ليعيدوا اكتشاف جمال سرّ العماد الذي نالوه، هذا السرّ الذي يوحّد المسيحيين المنتمين إلى مختلف الطوائف، ففي سرّ العماد أصبحوا جميعهم أبناء الله من خلال اتحادهم مع يسوع المسيح، ربّنا ومعلّمنا. فلتساعدنا العذراء مريم على أن نفهم معنى وقيمة المعمودية، ونشهد لها في حياتنا اليومية. وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي وجّه الحبر الأعظم تحياته بلغات عدة إلى وفود الحجاج والمؤمنين، ثم منح الجميع فيض بركاته الرسولية، متمنياً للكلّ أحداً سعيداً.








All the contents on this site are copyrighted ©.