2006-01-01 12:51:19

قداسة البابا يترأس القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس مع بداية العام الجديد 2006: إذا كان السلام رغبة كل إنسان ذي إرادة حسنة، فهو بالنسبة لتلاميذ المسيح وصية دائمة تلزم الجميع؛ رسالة تحثّهم على إعلان إنجيل السلام والشهادة له


ترأس قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم في بازيليك القديس بطرس القداس الإلهي في بداية العام الجديد 2006، وفي عيد مريم والدة الله، وألقى عظة قال فيها: في ليتورجيا اليوم، يتَّجه نظرنا دومًا إلى سرِّ تجسّد ابن الله، في وقت نتأمَّل فيه أيضًا بأمومة العذراء مريم. ومع بداية السنة الجديدة، نحن مدعوون لدخول مدرستها، مدرسة التلميذة الأمينة للرب، كي نتعلَّم منها، أن نقبل في الإيمان والصلاة، الخلاص الذي يريد الرب أن يمنحه لجميع المتَّكلين على محبَّة الرحيمة.

إنَّ الخلاص عطيَّة من الله، أضاف البابا يقول، متوقفًا عند سفر العدد الفصل السادس (24 ـ26): "يباركك الرب ويحفظك. يضيء الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه نحوك ويمنحك السَّلام." إنَّها البركة التي اعتاد الكهنة على منحها للشعب، في ختام الإحتفالات الليتورجية الكبيرة، سيَّما في السنة الجديدة. وعبر الإصغاء إلى هذه البركة القديمة، مع بداية عام جديد، تشجِّعنا الليتورجيا على التماس بركة الرب للعام الجديد الذي يبدأ خطواته الأولى، كيما يكون لنا جميعًا عام ازدهار وسلام. وهذا هو التمني الذي أريد أن أوجهه إلى السفراء المعتمدين لدى الكرسي الرسولي.

وحيَّا قداسة البابا أيضًا الكردينال أنجيلو سودانو، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان والكردينال ريناتو مارتينو وجميع أعضاء المجلس البابوي للعدالة والسلام، وشكرهم بنوع خاص على التزامهم في نشر رسالة اليوم العالمي للسلام الموجَّهة إلى المسيحيين وجميع الرجال والنساء ذوي الإرادة الحسنة.

وانتقل البابا للكلام عن رسالته ليوم السلام العالمي "في الحقيقة، السلام"، وقال إنَّه أراد من خلال موضوعها، التعبير عن الاقتناع بأن الإنسان عندما يستنير من تألق الحقيقة يسلك بشكل طبيعي درب السلام.

إنَّ السلام، هذه الرغبة الكبيرة لقلب كل رجل وامرأة تُبنى يومًا بعد يوم بدعم الجميع، وكما ورد في الدستور الراعوي فرح ورجاء: لن تتمكن البشرية من بناء عالم أكثر أنسنة، إلاَّ إذا عادت بنفسية جديدة إلى السلام الحقيقي. وأمام استمرار اوضاع اللاعدالة والعنف التي تواصل قمع مناطق عديدة في الأرض، وأمام كل ما يهدد السلام ـ الإرهاب والتعصب الأصولي ـ يُصبح من الضروي جدًا، العمل معًا لبناء السلام.

هناك حاجة لومضة من الشجاعة والثقة بالله والإنسان لإختيار السير على درب السلام، ومن قبل الجميع: الأفراد والشعوب والمنظمات الدولية والقوى العالمية. وفي رسالتي احتفالاً باليوم العالمي للسلام، أردتُ دعوة منظمات الأمم المتَّحدة لتعزيز قيم العدالة والتضامن والسلام في العالم، في عالم مطبوع أكثر فأكثر بظاهرة العولمة. وإذا كان السلام رغبة كل إنسان ذي إرادة حسنة، فهو بالنسبة لتلاميذ المسيح وصية دائمة تلزم الجميع؛ هي رسالة تحثّهم على إعلان إنجيل السلام والشهادة له.

"وكانت مريم تحفظ جميع هذه الأمور وتتأملها في قلبها." إن لوقا الإنجيلي يصف مريم بالعذراء الصامتة، المصغية دائمًا إلى الكلمة الأبدية التي عند الله. وفي مدرستها، نريد أن نتعلَّم نحن أيضًا لنُصبح متنبهين وتلامذة مطواعين للمسيح. وبمساعدتها الوالدية، نرغب بالإلتزام للعمل في ورشة السلام، عبر السير على خطى المسيح، أمير السلام. وباتباع مثل العذراء القديسة، نريد أن يقودنا دومًا يسوع المسيح، الذي هو هو بالأمس واليوم وللأبد.

 

ظهرًا، تلا قداسة البابا صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس. قال الأب الأقدس: في هذا اليوم الأول من العام، تنظر الكنيسة إلى أمِّ الله التي تحتضن بين ذراعيها الطفل يسوع، ينبوع كل بركة. وفي قلب مريم الوالدي، تردد صدى إعلان الملائكة في بيت لحم: "المجد لله في العلى، والسلام في الأرض لأهل رضاه." ويقول الإنجيل إنَّ مريم كانت تحفظ جميع هذه الأمور وتتأملها في قلبها. ومثلها، تحفظ الكنيسة كلمة الله وتتأمل بها.

وعبر النظر إلى يسوع الذي جاء ليعطينا سلامه، نحتفل في رأس السنة باليوم العالمي للسلام، الذي بدأ مع السعيد الذكر البابا بولس السادس لثمانية وثلاثين عامًا خلا. وفي أوَّل رسالة لي لهذه المناسبة، أردتُ استعادة موضوع ورد في تعليم أسلافي، بدءًا من رسالة البابا الطوباوي يوحنا الثالث والعشرين "وعلى الأرض السلام"، وهو موضوع الحقيقة كأساس لسلام حقيقي. في الحقيقة السلام، هو العنوان الذي أقترحه على كل إنسان ذي إرادة طيبة للتأمل به. فعندما يستنير الإنسان من تألق الحقيقة، يصبح صانع سلام. ولقبول عطية السلام، علينا الإنفتاح على الحقيقة التي تجلَّت بشخص يسوع الذي علَّمنا "طريقة" السلام، وهي المحبَّة. وأضاف البابا يقول إنَّ الله أرشدنا أيضًا إلى درب السلام:الحوار والغفران والتضامن. وهذا هو الطريق الوحيد الذي يقود إلى السلام الحق.

نرفع النظر نحو مريم الكلية القداسة التي تبارك اليوم العالم أجمع مظهرة ابنها الإلهي "أمير السلام". نطلب شفاعتها كيما تتمكَّن العائلة البشرية، عيش السنة التي بدأت اليوم في الأخوة والسلام. بهذه المشاعر، أتمنى للجميع، الحاضرين هنا في ساحة القديس بطرس والمتَّحدين معنا عبر الإذاعة والتلفزيون، السلام والخير.

وبعد صلاة التبشير الملائكي، عيَّد قداسة البابا رئيس الجمهورية الإيطاليَّة ووجَّه تحية خاصة إلى جميع الذين، وفي أبرشيات العالم أجمع، يلتزمون لصالح السلام، وذكَّر بالمسيرة التي نظمها كل من حركة باكس كريتسي (سلام المسيح) ومجلس أساقفة إيطاليا، أمس في ترينتو، وبالمسيرة التي نظَّمتها أيضًا جماعة القديس إيجيديوس في روما ومدن عديدة في العالم، احتفالاً بهذا اليوم. وفي ختام كلمته تمنَّى قداسة البابا للجميع عامًا سعيدًا.

 

وكان قداسة البابا بندكتس السادس عشر قد ترأس مساء أمس السبت، صلاة الشكران "تي ديوم" في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان وألقى عظة استهلَّها يقول: مع نهاية عامٍ كان غنيًا بالأحداث بالنسبة للكنيسة والعالم، نتذكَّر كلمات بولس الرسول إلى أهل كولوسي:"لتكن سيرتكم في الرب يسوع المسيح كما تقبَّلتموه. فتأصلوا فيه وتأسسوا عليه واعتمدوا على الإيمان الذي تلقيتموه وأكثروا من الشُّكر." نجتمع هذا المساء لرفع نشيد شكر لله، سيد الزمان والتاريخ، وأعود بالذاكرة إلى ذاك المساء نفسه، لإثني عشر شهرًا خلا، حين رفع البابا الحبيب يوحنا بولس الثاني صوته لشكر الربّ على العطايا الكثيرة التي منحها للكنيسة والبشرية.

وأضاف الأب الأقدس يقول إنَّ الكنيسة تصلي وتعمل معًا لكي يتغيَّر العالم كلّه في كماله إلى شعب الله، أي جسد المسيح وهيكل الروح القدس، ويؤدي في المسيح، رأس الكل، إلى خالق الكون أبيه كل إكرام وتمجيد. والكنيسة تتقدَّم متشدِّدة بقوة الرب القائم من الموت لتتغلب بالصبر والمحبة على الشدائد والضيقات التي تأتيها سواء من الداخل أو الخارج فتظهر للملأ بأمانة سر الرب، وإنْ بصورة ناقصة إلى اليوم الذي فيه يتجلَّى أخيرًا في تمام نوره.إنَّ الكنيسة حيَّة لتسبيح الرب وشكره.

وأضاف البابا يقول إنَّ العائلة شكَّلت على الدوام محور اهتمام أسلافي سيَّما البابا يوحنا بولس الثاني. وفي وقت نفكِّر فيه بالأحداث العديدة التي طبعت السنة التي أوشكت على النهاية، أودُّ أنْ أُذكِّر بنوع خاص بجميع الذين يواجهون الصعاب: الأشخاص الأكثر فقرًا والمهمَّشين والذين فقدوا الرجاء أو الذين هم ضحايا مصالح أنانية. في ختام كلمته سأل البابا بندكتس السادس عشر مريم العذراء أن تتشفع لنا وترافقنا حمايتها الوالدية اليوم وعلى الدوام.

 

 

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.