2005-11-03 16:55:55

رسالة المجلس البابوي للحوار بين الأديان بمناسبة ختام شهر رمضان وحلول عيد الفطر


بمناسبة نهاية شهر رمضان وحلول عيد الفطر وجّه رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان رئيس الأساقفة مايكل فيتزجيرالد رسالة إلى جميع المسلمين في العالم، تحت عنوان: "المتابعة على طريق الحوار" وتحمل تاريخ الرابع عشر من تشرين الأول أكتوبر الفائت. جاء في الرسالة ما يلي:

 

أيها الأصدقاء الأعزاء،

مع حلول عيد الفطر من جديد، في ختام شهر رمضان، أودُّ أن أهديكم جميعًا، أينما كنتم حول العالم، أخلص تمنياتي بأعياد سعيدة. لقد غدا من تقاليد المجلس البابوي للحوار بين الأديان توجيه رسالة إلى إخوتنا وأخواتنا المسلمين بمناسبة نهاية رمضان. وجرت العادة أن يوقِّع الرسالة رئيس المجلس البابوي. أمَّا في العام 1991، إبان حرب الخليج الأولى، فقد حملت الرسالة الوديَّة توقيع قداسة البابا يوحنا بولس الثاني. وقد تحدَّث آنئذ عن ضرورة قيام "حوار صادق وعميق وثابت بين المؤمنين الكاثوليك والمؤمنين المسلمين، يمكن أن ينبثق منه تعارف وتبادل وثقة أكثر رسوخًا بينهما." واليوم ما زالت هذه الكلمات بالتأكيد تحتفظ بصوابيتها.

هذه السنة، وفي الثاني من نيسان أبريل، انتقل البابا يوحنا بولس الثاني إلى جوار ربِّه. العديد من المسلمين حول العالم تابعوا عن كثب، مع الكاثوليك وسائر المسيحيين، أخبار أسقامه الأخيرة وموته، وحضرت وفود رسمية من المسلمين، قوامها قادة سياسيون وروحيون من بلدان عدَّة، مراسم جنازته في ساحة القديس بطرس.

وأبدى كثيرون عميق التقدير لجهود البابا الثابتة في خدمة السلام. فكتب صحافي مسلم كانت قد سنحت له فرصة مقابلة البابا يوحنا بولس الثاني شخصيًا:"لا أبالغ أذا قلتُ إنَّ وفاة البابا يوحنا بولس الثاني كانت خسارة كبيرة ليس فقط للكنيسة الكاثوليكية إنَّما للمسيحية على إطلاقها، وللعلاقات الإسلاميَّة ـ المسيحيَّة بوجه خاص، ولا يعوِّض هذه الخسارة الكبيرة سوى استمرار نهجه ومواصلة السير على الطريق الذي شقَّه بإيمان وشجاعة من أسيزي عام 1986، حيث يرقد القديس فرنسيس الأسيزي، الرائد الكاثوليكي للحوار الإسلامي ـ المسيحي."

الإيمان بالله والثقة بالإنسانيَّة هما ما حمل البابا الراحل على سلوك سبيل الحوار. لقد مدَّ يده على الدوام للإخوة والأخوات من جميع الأديان بروح من الإحترام والرغبة في التعاون، كما حثَّ على ذلك المجمع الفاتيكاني الثاني في بيان نوسترا أيتاتي، الذي تحلّ ذكراه الأربعون هذه السنة. والواقع هو أنَّ انخراطه في هذا المجال كان متجذِّرًا في الإنجيل، على مثال السيد المسيح الذي أظهر حبَّه واحترامه لكلِّ إنسان، حتَّى لهؤلاء الذين لم يكونوا من بني قومه.

بموجب تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني، وبهدف المتابعة على الطريق التي سلكها البابا يوحنا بولس الثاني، أعلن قداسة البابا بندكتس السادس عشر أثناء استقباله ممثلي الأديان الأخرى الذين حضروا مراسم الإحتفال ببداية حبريته:"أنا ممتن بنوع خاص لحضور أعضاء من الطائفة الإسلامية في ما بيننا، وأعرب عن رضاي على تقدّم الحوار بين المسلمين والمسيحيين، إن على الصعيد المحلي أو على الصعيد العالمي. أؤكد لكم أنَّ الكنيسة تريد متابعة بناء جسور الصداقة مع أتباع جميع الأديان بهدف نِشدان الخير الحقيقي لكلِّ إنسان وللمجتمع ككل."

ثمَّ شدَّد قداسته، في إشارة إلى النزاعات والعنف والحروب القائمة في عالم اليوم، على انَّ من واجب الجميع، ولا سيَّما هؤلاء الذين يجاهرون بانتمائهم إلى تقليد ديني، أن يعملوا من أجل السَّلام، وعلى "أنَّ جهودنا للتلاقي ولتعزيز الحوار هي مساهمة قيِّمة في بناء السلام على أسس صلبة." وختم البابا بندكتس السادس عشر بالقول:"لذا فقد غدا لِزامًا علينا أن ننخرط في حوار صادق وأصيل، مبنيّ على احترام كرامة كل شخص إنساني، هو المخلوق، بحسب إيماننا الراسخ نحن المسيحيين، على صورة الله ومثاله."

ألا فلنجتهد، بدفع من كلمات البابا المشجِّعة هذه، في تمتين التزامنا بإرساء علاقات طيِّبة بين أتباع الأديان المختلفة، وفي تعزيز الحوار الثقافي والعمل معًا من أجل عدالة أشمل وسلام باق. ولنبيِّن، نحن المسيحيين والمسلمين، أنَّنا نستطيع العيش معًا في إخوَّة حقيقية، تائقين أبدًا إلى العمل بحسب مشيئة الله الرحيم الذي خلق البشريَّة لتكون عائلة واحدة.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.