2005-10-19 15:48:39

في مقابلة الأربعاء العامّة البابا يواصل تعاليمه حول المزامير ويحدِّث المؤمنين عن المزمور المائة والتاسع والعشرين


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الأربعاء الجاري مقابلته العامّة المعتادة مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان بحضور أكثر من أربعين ألف حاج وزائر من بينهم عدد من طلاب كليّة اللاهوت الأرثوذكسيّة في جامعة البلمند بشمال لبنان وفريق من إحدى الأبرشيّات المارونيّة في لبنان.

   واصل البابا تعليمه حول مزامير صلاة المساء في الكنيسة متوقّفاً هذا الأربعاء عند شرح المزمور المائة والتاسع والعشرين الذي قال فيه صاحب المزامير:"... من الأعماقِ صَرَختُ إليكَ يا ربُّ. يا سيّدُ استمِع صوتي. لِتَكُن أذناكَ مصغيَتَين إلى صوتِ تضرّعي. إن كنتَ للآثام راصداً يا ربّ. يا سيّدُ فمن يقِف. فإنَّ عندَكَ المغفرةُ لكَي يكون لكَ الإكرامُ... انتظار نفسي للرّب أشدُّ من انتظارِ الرّقباءِ للصّبحِ والساهرين للفّجر... إنّ عند الرّب الرحمة وعنده فداءً كثيراً...".

   لقد أصغينا، قال البابا في مستهلّ تعليمه، إلى أحد أشهر وأحب المزامير لدى التقليد المسيحي، إذ تحوّل إلى نشيد توبة محبّب عند سائر العبادات الشعبيّة.

   فبالإضافة لإنشاده في المآتم، يُعتبر المزمور قبل كلّ شيء نشيداً للرّحمة الإلهيّة وللمصالحة بين الخاطئ والرّب، الذي هو إلهٌ مستقيم وحاضر على الدوام لإظهار وجه رحمته وحنانه، إلهٌ لا يغضب بسرعة وغنيٌ بنِعَمِهِ وأمانته، ويحفظ عهده إلى جيل فجيل ويغفرُ الآثام والمعاصي والخطايا.

   يبدأ المزمور المائة والتاسع والعشرون، أضاف البابا في تعليمه الأسبوعي، بصراخ صوت خارج من الأعماق، أعماق الشرّ والإثم، من ثمّ يتوسّع إلى محطّات ثلاث ترتكز إلى موضوع الخطيئة والغفران.

   ومن المعبّر في المحطّة الأولى أنّ مخافة الرّب من خلال المزمور لا تنبع من مهابة العقاب، بل هي فعل احترام ممزوج بالمحبّة، إنها التماس للمغفرة. إن ما يولّد في داخلنا مخافة الرّب ليس غضبه منّا، بل طول أناته السخيّة. الله في الواقع ليس ملكاً ظالماً يدين المذنبين، بل أباً عطوفاً علينا أن نحبّه لا مخافة من العقاب بل لطيبته الحاضرة دائماً للغفران.

   أما محور المحطّة الثانية من المزمور، فهي صيغة "الأنا" التي لا يتوجّه بها صاحب المزامير مباشرة لمخاطبة الله، بل يتحدّث عنه قائلاً:"انتظرتُ الرّب. انتظرَتْهُ نفسي رَجَوتُ كَلِمَتَهُ... انتظارُ نفسي للرّب أشدُّ من انتظار الرُّقَباء للصّبحِ... في هذه المحطّة الثانية تُزهر في قلب صاحب المزامير التائب نعمة الانتظار والرجاء واليقين بأنَّ الله سيفتديه من خطاياه.

   المحطّة الثالثة والأخيرة من المزمور المائة والتاسع والعشرين، أضاف البابا في تعليمه الأسبوعي، تشمل كلّ شعب الله المختار، ذلك الشعب الخاطئ والمحتاج لنعمة الخلاص. "ليكُن إسرائيل راجياً للرّب فإن عنده الرحمة والفداء... فهو يفتدي إسرائيل من جميع آثامه".

   بانطلاقنا من صرخة الأعماق للرّب نبلغ أفق الله المنير حيث يسود الفداء والرحمة: الميزتان الرئيسيّتان لإله الحبّ الذي نعبده.

   بعد الانتهاء من تعليمه الأسبوعي انتقل البابا لتحيّة المؤمنين الحاضرين في الساحة الفاتيكانيّة بلغات عديدة وخصّ بالذكر المرضى والأزواج الجدد حاثًّا إياهم على تأسيس حياتهم على كلمة الله ليكونوا بناة حضارة المحبّة التي يرمز إليها صليب المسيح، ينبوع النور والعزاء والرجاء. ثمّ ذكّر البابا الشبيبة بالذكرى المئويّة الرابعة لتطويب القديس لويس دي غونزاغا، شفيع الشبيبة في العالم كلّه. وسأل البابا الشبيبة في الختام استلهام حياة هذا القديس وشهادته البطوليّة لإنجيل المسيح في جميع التزاماتهم اليوميّة.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.