2005-10-15 15:54:31

إنجيل الأحد 16 تشرين الأوّل 2005 وقفة تأمل أسبوعية حول كلمة الحياة


   "فذَهَبَ الفِرّيِسيُّون وتآمَروا كيفَ يَصطادونَه بكَلِمة. ثمّ أرسَلوا إليه تلاميذَهم والهيرودُسيِّينَ يقولونَ له:"يا مُعلِّم، عَهِدناكَ صادِقاً، تَهدي الناسَ سَبيلَ الله هدايةَ صِدق، ولا تُبالي أحداً، لأنَّكَ لا تُراعي مَقام العظماء. فقُل لنا:"ما رأيُكَ؟ أيحِلُّ دَفعُ الجِزيةِ إلى قيصَر أم لا؟" فشعَرَ يسوعُ بخبثِهم فقال:"لماذا تُحاولون إحراجي أيُّها المراؤون! أروني نقدَ الجزية" فأتَوه بدينار. فقال لهم:"لِمَنِ الصورةُ هذه؟ والكتابة؟" قالوا:"لقيصر". فقال لهم: أدُّوا ما لقَيصر لقيصَر، ولله ما لله". فدَهِشوا لهذا الكلام وتركوهُ ومَضَوا". (متى 22، 15 ـ 21)RealAudioMP3

 

التأمّل:

 

   تعكس لنا آيات إنجيل هذا الأحد إخوتي وأخواتي الأعزاء مدى إصرار الفرّيسيّين بسعيهم للإيقاع بيسوع والتخلّص منه بعد أن صار صدى كلماته حُكماً مبرماً ومستقيماً يؤنّبهم على اعوجاج مسلكهم ونواياهم. لقد حاولوا الإيقاع به بسؤاله عن أمر الجزية لقيصر، فإن ردّ بالتحريض على عدم دفعها وقع بأيدي الرومان وإن وافق يكون إقراراً بأكبر مذلة يعيشها يهودي، وهو أن يدفع الجزية لقوى الاحتلال والظلم.

   لقد أدرك يسوع خبث الفرّيسيّين ولم يُجب على سؤالهم، بل طلب عملة نقديّة وسأل عن الصورة المحفورة عليها فقيل له إنّها لقيصر، عندها نطق بأشهر آيات إنجيله المقدّس وقال:"أدّوا ما لقيصر لقيصَر، ولله ما لله". تُشكّل كلمات يسوع لنا اليوم توجيهاً وإرشاداً لتصرفاتنا كمسيحيّين صالحين في قلب المجتمع المدني. فنحن لسنا غرباء عن العالم. نحن نسكن في العالم ولسنا منه، نُطيع قوانينه الثابتة ونتخطّاها بطريقة حياتنا المُثلى.

   إنّ كلّ مسيحي منّا مدعوٌّ لاحترام القوانين المدنيّة اليوميّة بشفافية ونظافة كفٍّ إلاّ إذا كانت هذه القوانين تعارض الشريعة الإلهيّة. يراقب المسيحي الواقع المحيط به من أجل فهم معناه، إنّه مدعوٌّ للحوار مع العالم، عليه امتلاك رأي سياسي واجتماعي واقتصادي ولكن في ضوء تعاليم الإنجيل. فإن كان العالم يفكّر بالاستفادة فالإنجيل يُفكّر بالإنسان. وإن قال لنا العِلم بأنّ كلّ شيء مُباح، فالإنجيل يعلّمنا وجوب احترام الحياة. وإن أرادت شريعة البشر السّير على خُطى الأمور الزّمنية، فإن الكنيسة تسير على خُطى الإنجيل".

   كم من المرّات حاول منطق العالم ولا يزال،الإيقاع بالكنيسة وبتعاليمها، كما حاول الفرّيسيّون في إنجيل اليوم الإيقاع بيسوع! ومن بينهم رجال كنيسة اختاروا أن يُعطوا الجزية لقيصر وليس لله. ولكنّ أمانة الكنيسة لمعلّمها الأوحد يسوع المسيح ساعدتها على فكّ حصار منطق العالم عنها.

   فلنُعطِ إخوتي وأخواتي الأحباء في هذا الأحد المبارك كلّ ما نملك لله: من أفراح وآلام وترجّي ومرارة. لنكن قطعة المسيح النقديّة التي يدفع فيها العالم جزية الدخول إلى ملكوت الله. آمين.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.