2005-09-25 13:18:09

إنجيل الأحد 25 أيلول سبتمبر 2005 ... وقفة تأمل أسبوعيَّة حول كلمة الحياة


   قال الرّب يسوع للأحبار وشيوخ الشّعب:"كان لرجل ابنان. فدَنا من الأوّل وقال له:"يا بُنَي، اذهَب اليوم واعمَل في الكَرم". فأجابَه:"لا أُريد". ثُمَّ نَدِمَ وذهبَ إلى الكرم. ودَنا من الآخر وقال له مثلَ ذلك. فأجاب:"لبَّيكَ سيِّدي!" ولكنّه لم يذهَب. فأيُّهما أتمَّ مشيئةَ أبيه؟" فقالوا:"الأوَّل". قال لهم يسوع:"الحقَّ أقول لكم:إنَّ العشَّارين والبغايا يسبِقونَكم إلى ملكوت الله. جاءَكُم يوحنّا سالكاً طريق البرّ، فلم تؤمِنوا به وآمَن به العشَّارون والبغايا. وأنتم رأيتُم ذلك. فلم تندَموا ولو بعد حين فتؤمنون به.(متى 21: 28 ـ 32)

 

التأمّل:RealAudioMP3

 

   من منّا إخوتي وأخواتي الأعزاء لا يشعر بنفسه للوهلة الأولى غير مستعدٍّ لتلبية نداء الرّب له، فكلّنا أسخياء في الإجابة سريعاً "لبَيكَ يا ربّ" نحن هنا! كلّنا نشعر في عمق أعماقنا أننا قادرون على صنع الخير. إنّه شعور جيّد ومستقيم، ولكن يجب أن يقودنا لتناسي ضعفنا البشري وعدم تناغم تصرّفاتنا مع إرادة الله.

   العالم غنيٌّ جدًّا بالدعايات، والتقادم السخيّة والتصريحات الواعدة بالخير، ولكنَّ نتهائجها السلبيّة تأتي عكس وعودها الإيجابيّة. نحن مدعوّون كمسيحيّين لنكون واقعيّين لا يجرفنا تفاؤل مُفرط ولا يقمعنا إحباط قاهر.

   إن اتكلنا فقط على قوانا ومواهبنا وفضائلنا الذاتيّة، نبلغ نهاية الابن الثاني، نردّ مُتحمّسين بالإيجاب على نداء الرّب لنا ولكنّنا في النهاية لا نُلبّي شيئاً ممّا أراده الله منّا.

   أمّا خيار الابن الأوّل، فهو صواب وإن بدأ برفض طلب الأب بالذهاب للعمل في الكرم. هذا الرّفض تبعه ارتداد وتوبة وانسحاق قلب، دخل إلى كرم أبيه من باب التوبة ووقف أمام يسوع منكسر القلب متسوّلاً الغفران. نعم يسوع يقبل في ملكوته من بدأ برفض سماع صوت الله، ولكنّه تاب وعاد للعمل في كرمه وإن خلسة. من يدخل كرم الرّب من باب التوبة أصلب عوداً مّمن يظنّ نفسه دخله بقدراته واستحقاقاته الذاتية. ها هو زكّا العشّار، ومريم المجدليّة ولصّ اليَمين، خير شاهد على رحمة الله العظيمة. النعمة الإلهيّة، إخوتي وأخواتي الأعزاء، أسمى من كلّ أشكال التطوُّع المجاني والطيبة الفارغة. لا تتمتّع البشريّة بالطيبة بدون الله، إنّها بحاجة إلى الخلاص إلى نفحة الروح القدس الطيّبة.

   أنّ نجد طريق التوبة لا يعني أن نجد طريقاً من بين طرق كثيرة تقودنا إلى ملكوت يسوع، بل إنّه الطريق الوحيد الذي لا طريق سواه. علينا جميعنا أن نمرّ، عاجلاً أم آجلاً، عبر باب التوبة لنبلغ الخلاص وإلاّ فلا مكان لنا على مائدة الملكوت. لنتنبّه من البقاء سجناء أعمالنا، وإرادتنا الحسنة، ونجاحاتنا. سخاؤنا لا يكفي، بل سخاء رحمته. فكلّما صغرنا وتخلّينا عن كل ما نفخر به وإن كان حسناً، كلّما كبر مقامنا في السّماء. لا نحابي الوجوه لنشحذ رضى البشر، وإن تسوّلنا، فلنتسوّل فقط رحمة الله كآخر الخاطئين لأنّ الخلاص عطيّة مجانية من الله. آمين.


 








All the contents on this site are copyrighted ©.