2005-09-15 16:54:14

البابا يدعو أساقفة المكسيك للإسهام في تغيير الهيكليات الاجتماعيّة بما يتلاءم مع كرامة الإنسان وحقوقه الأساسيّة


   استقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الخميس الجاري في القصر الرّسولي الصّيفي بكاستيل غاندولفو، الفريق الثاني من أساقفة المكسيك الكاثوليك في إطار زيارتهم القانونيّة للأعتاب الرّسولية.

   وجّه البابا لأساقفة المكسيك كلمة دعاهم فيها للإسهام في تغيير الهكليات الاجتماعيّة بما يتلاءم مع كرامة الإنسان وحقوقه الأساسيّة. وإلى هذا التغيير مدعوٌّ أيضاً جميع كاثوليك البلاد الذين يُشكّلون الأكثرية السكانيّة، من أجل اكتشاف إيمانهم وقوّة وحدتهم في هذا العالم. إن الفصل بين الإيمان والحياة اليوميّة، هو من أفدح الأخطاء التي يتخبّط فيها أبناء زماننا الحاضر.

   من بين الأٍسباب المثيرة للقلق، أضاف البابا، ما هو شائع في بعض المجالات، كالجشع إلى السلطة، وتراجع أشكال التعايش الصّحيح وتدني مستوى الإدارة العامّة، فيما تتنامى ظواهر الفساد وعدم المساءلة والجرائم المنظّمة وتهريب المخدّرات. إنّ كلّ هذه الظواهر تؤدي إلى أشكال جمّة من العنف، واللاّمبالاة واحتقار قيم الحياة المقدسة.

   ثم ذكّر البابا بما تطرّق إليه سلفه البابا يوحنّا بولس الثّاني في الإرشاد الرّسولي ما بعد سينودوس الأساقفة الخاص بالقارة الأميركيّة، إذ تحدّث عن "خطايا عصرنا الاجتماعيّة"، التي تضع المرء في أزمة عميقة بسبب فقدانه الشعور بوجود الله وغياب المبادئ الأخلاقيّة التي ترتكز إليها حياة كلّ إنسان.

   ولم ينسَ البابا الحديث في كلمته للأساقفة عن الفقر الذي تعاني منه المكسيك، ولكن يُمكننا أن نستشفّ روح الإيمان الطيّبة بالله في كلّ مؤمن غنيّ بتعبيره الإنساني ورح الضيافة والأخوّة والتضامن. إنّ هذا القيم مهدّدة بالزوال مع تنامي الهجرة إلى الخارج حيث يعمل كثيرون بأوضاع مذرية يواجهون فيها بصعوبة ثقافات مختلفة بعيدة عن ثقافتهم وتربيتهم الدينيّة، ولكن حيث يجد هؤلاء المهاجرون كنيسة تحضنهم وتسهّل لهم الانخراط في المجتمعات الجديدة، تصبح الهجرة ظاهرة إيجابيّة تساعد على تبشير الثقافات الأخرى بكلمة إنجيل الخلاص.

   إنّ تعمّق الجمعيّة العامّة لسينودوس الأساقفة الخاص بأميركا، بظاهرة الهجرة، ساعد على اكتشاف العنصر الأساسي الذي يحافظ على وحدة الشعوب والملل بغض النظر عن العناصر الاقتصاديّة والاجتماعيّة الأخرى، وهو الإيمان المشترك بيسوع المسيح...

   وتحدّث البابا في كلمته إلى أساقفة المكسيك عن المعمّدين الكثر الذين يتأثّرون باقتراحات وتقاليد تيارات أخرى تجعلهم غير مبالين بقيم الإنجيل وتدفعهم لعيش حياة مخالفة للنظرة المسيحيّة، بعيدين من ممارسة واجباتهم الدينيّة ممّا يُفقدهم شيئاً فشيئاً هويّتهم الإيمانيّة. إنّ هذه التحديات الراعويّة تدفعنا، أضاف البابا، للبحث عن حلول، ليس فقط من خلال تحديد الأخطاء للدافع عن الإيمان، ولكن لإظهار الغنى المسيحي الذي يدفع إلى محبّة الحياة ويُنمّي القدرة على الحوار والإصغاء والتعاون مع الجميع.

   وحثّ في كلمته الأساقفة على حث أبناء الكنيسة على عيش القداسة في تصرفاتهم اليوميّة ليعكسوا صورة المسيح من خلال الشهادة الحيّة التي تدفع إلى اتباعه وخدمته بتواضع القلب والروح. إن حوار الكنيسة من الثقافة المعاصرة أمر حيوي للكنيسة نفسها وللعالم. وطلب قداسته في الختام من الأساقفة الحفاظ على وحدتهم واتحادهم مع كهنتهم وجماعاتهم المؤمنة وجميع العاملين في المجال الراعوي والاجتماعي. ثم سلّمهم جميعاً لشفاعة العذراء مريم سيّدة غوادالوبي ومنحهم بركته الرّسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.