2005-09-07 15:33:21

إنجيل الأحد 4 أيلول سبتمبر 2005


وقفة تأمليَّة حول كلمة الحياة:

   من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقديس مرقُس:

   "ثمَّ عادَ يسوع من نواحي صور وصيداً قاصداً بحرَ الجليل، في أراضي المُدُنِ العَشْر. فجاؤوهُ بأصَمٍّ حَصِر وسألوه أنْ يَضَعَ يدَهُ عليه. فانفرَدَ به عن الجمع، وجعَلَ إصبَعَيهِ في أُذُنَيه، ثمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَه. ورفَعَ عينَيْهِ نحو السَّماء مُتنَهِّداً وقاله له:"إفَّتِحْ!" (أي انفَتِح). فانفتَحَ مِسمَعاه وانحلَّت عُقدَةُ لِسانِه، فتكلَّم بلسانٍ طَليق. وأوصاهُم ألاَّ يُخبِروا أحداً..." (مر:7/31-37).

التأمُّل: RealAudioMP3

 

   ونحن نستمع إلى كلمات إنجيل هذا الأحد يستوقفنا، إخوتي الأحباء، سؤال بعض المؤمنين: كان يسوع يشترح العجائب ويشفي حالما يلمُس الأعمى والأصم والأبكم والمريض، لماذا لا يصنع الشيء نفسه اليوم معي أنا المؤمن به؟ لماذا لا نشهد العجائب ذاتها التي شهدها الرُّسل في بداية الكنيسة، وحضور المسيح في الكنيسة هو هو في الأمس واليوم وإلى الأبد؟

   ويأتي الجواب صلاة من القلب: يا ربُّ زدني إيماناً لأفهم معنى عملِكَ الخلاصي على الأرض وأكونَ مسيحاً آخر يحمل كلمتكَ إلى جميع الأمم.

   فيسوع الذي كان يجوب أرض صور وصيدا والمدن العشر، والتي كانت وثنيَّة آنذاك، قُدِّمَ له رجلٌ أبكم وأصم، وهذا يمثِّل الذين لم يسمعوا بشارة المسيح ولم يُبشِّروا بها. فالذي يصعب عليه السماع، يصعب عليه الكلام، ومن لا يسمع كلمة الله لا يُمكن أن يشهد لها ويُبشِّر بها. من يُريد سماع كلمةِ الله عليه الاختلاء للقاء يسوع شخصياً، كما اختلى يسوع بالرجل الأصم فشفاه واضعاً إصبعه في مِسمعَيه علامة لقوَّة الله الخالقة، ثمَّ تفلَ ولمَس لسانَه علامة لبعث الحياة في ما هو ميتٌ، وهنا يظهر يسوع خالقاً جديداً لعمل الله الذي يُمثِّل الإنسانُ ذروتَه. والخلق الجديد لا يعني صُنعَ إنسانٍ جديد، بل جعله قادراً على السماع في العمق والتعبير بطريقة صحيحة عن إيمانه.

   تمَّت الأعجوبة وأوصاهم يسوع ألاَّ يُخبِروا أحداً بما حصل، لأنَّ الجماعة لم تكُن مؤهلة لإعلان النبأ لكونها لا تزال بحاجة كبيرة لسماع كلمات المعلِّم الإلهي ورؤية صنائعه واتباعِه إلى حيث يذهَب.

   شفى يسوع، إخوتي الأحباء، الرجل الأصم بالجسد ليؤكِّد لنا أنَّه أتى ليشفيَ الجميع من عجزهم عن سماع كلمته والشهادة لها. وإن عَجِزَ رسُلِ المسيح عن تكرار أعجوبة الجسد، فهم قادرون على تلقي نعمة الإصغاء التام والتبشير بلسانهم بكلمة الحق فيبلغوا كرامتهم الإنسانيَّة الكاملة بلقاء أنفسهم والآخرين والله.

   المهمّ أن نُحسن سماع كلمة الله والحديث عنها بطرق صائبة ليسمع الذين لا يسمعون ويُبصِرَ الذين لا يُبصِرون. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.