2005-08-20 17:02:38

كلمة قداسة البابا أثناء اللقاء المسكوني في رئاسة أبرشيّة كولونيا: لا يمكننا بلوغ الوحدة بقوانا الذاتية، لأنها عطية من الروح القدس غذاؤها الصلاة والارتداد وقداسة الحياة، قلب الحركة المسكونيّة


   بعد لقائه إكليريكيّي أبرشيّة كولونيا في كاتدرائيّة القدّيس بانتاليون، انتقل البابا إلى مقرّ رئاسة أبرشيّة المدينة حيث التقى نحو ثلاثين ممثّلاً عن الجماعات المسيحيّة المختلفة في ألمانيا. وبعد كلمات الترحيب من قِبل رئيس مجلس أساقفة البلاد الكردينال كارل ليمان، والأسقف اللوتراني وولفغان هوبير، وجّه قداسة البابا بندكتس السادس عشر كلمة عبّر في مستهلّها عن فرحه بلقاء ممثلّي الجماعات المسيحيّة والكنسيّة في ألمانيا بلده الأم التي اختبر فيها شخصياً الحالة المؤلمة الناتجة عن انكسار الوحدة في إعلان الإيمان والتي تركت تأثيرها السلبي على الكثيرين من الأشخاص والعائلات. ولهذا السّبب، أضاف البابا في كلمته، وبعد انتخابي أسقفاً لروما وخليفة للرّسول بطرس، عبّرت بحزم عن نيّتي بجعل هدف بلوغ الوحدة الكاملة والمنظورة بين المسيحيّين من أولويّات حبريَّتي.

   في الحوار المسكوني، أضاف البابا، تحتل ألمانيا مكاناً مميّزاً، فهي ليست وحسب بلد منشأ الإصلاح، بل هي أيضاً إحدى البلدان التي انطلقت منها الحركة المسكونيّة في القرن العشرين. وعلى أثر تدفّق ظاهرة الهجرة في القرن المنصرم، وجد الكثيرون من المسيحيّين الأرثوذكس ومن كنائس الشّرق القديمة، في ألمانيا بلدهم الجديد، وهذا شجّع اللقاء والتبادل في حوار ساعد على اكتشاف روح التآخي بين مسيحيّي مختلف الكنائس والجماعات الكنسيّة في مناخ من الانفتاح والثقة المتبادلة...

   إن التآخي بين المسيحيّين، أضاف البابا، ليس موجة حسّ عاطفي عابرة ولا يولد من اللامبالاة تجاه الحقيقة، بل هو مؤسّس على واقع سامٍ أوحد هو سرّ العماد الذي يُدخلنا في جسد المسيح الواحد. جميعنا نعترف بيسوع المسيح ربًّا وإلهاً، ومعاً نعترف به وسيطاً أوحداً بين الله والبشر.

   ثمّ سطّر البابا في كلمته أهميّة الإعلان المشرك حول عقيدة التبرير الصادر عام 1999، الذي قاد إلى بلوغ اتفاق حول العديد من المسائل الأساسيّة التي شكّلت عائقاً للتواصل بين البروتستانت والكاثوليك منذ القرن السادس عشر... بالإضافة إلى المواقف المتطابقة حول مسائل إنسانيّة هامّة كالدّفاع عن الحياة، وتعزيز العدالة والسّلام... وأعرب البابا عن رغبته بتحقيق خطوات إضافيّة إلى الأمام في طريق بلوغ الوحدة التامّة بين المسيحيّين.

   وعن معنى استعادة الوحدة الكاملة بين المسيحيّين قال البابا: إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة ترى أن الوحدة تتجلّى فيها دون أن تستنفدها. فالوحدة لا تعني التشابه التام لاهوتياً وروحياً وطقسياً وتنظيمياً. إنها وحدة في التعدُّديّة، وتعدّديّة في الوحدة.... الحوار، أضاف البابا، هو أكثر من تبادل للآراء والأفكار، إنه تبادل للمواهب والعطايا، تضع أثناءه الكنيسة الكاثوليكيّة والجماعات الكنسيّة كنوزها في تصرّف بعضها البعض فتسير في خطّى ثابتة نحو الوحدة الكاملة بالإيمان بابن الله لتبلغ ملئ قامة المسيح... لا يُمكننا بلوغ الوحدة بقوانا الذاتية، لأنها عطية من الروح القدس غذاؤها الصلاة والارتداد وقداسة الحياة، قلب الحركة المسكونيّة. إن أفضل أشكال المسكونيّة يكمن في عيش الحياة حسب تعاليم الإنجيل.

   وختم البابا بندكتس السادس عشر كلمته أثناء اللقاء المسكوني في رئاسة أبرشية كولونيا، بالتعبير عن تفاؤله لنمو شبكة اتصال روحيّة بين الكاثوليكيّة ومسيحيّي مختلف الكنائس والجماعات الكنسيّة. كلّ جهة تلتزم بالصلاة وتنقية الذاكرة والانفتاح على المحبّة. بعون الله، ختم البابا يقول، سنجد لجميع المسائل التي لا تزال مفتوحة، حلولاً عمليّة، فتحقّق الوحدة المرجوّة التي أدعو الجميع للسير في سُبُلها.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.