2005-08-20 17:02:29

قداسة البابا يلتقي ألفي إكليريكي في كنيسة القديس بانتيليون في كولونيا ويدعوهم ليتذكَّروا دومًا كلمات يسوع :إستقرِّوا في محبَّتي. لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم


مساء أمس الجمعة التقى قداسة البابا بندكتس السادس عشر ألفي إكلريكي، في كنيسة القديس بانتيليون في كولونيا، ووجَّه لهم كلمة مطوَّلة قال فيها إنَّ موضوع الأيام العالميَّة للشباب "جئنا لنسجد له" يحمل قيمة فريدة بالنسبة لهم لأنَّهم يقومون بمسيرة التحقّق من دعوتهم الكهنوتيَّة، وأشار إلى أنَّ رحلة المجوس كانت منتعشة بقوَّة الرجاء، فقد انطلقوا لأنَّ رغبة كبيرة كانت تدفعهم لترك كلِّ شيئ والسير في الطريق، وكأنَّهم انتظروا على الدَّوام النجم الذي رأوه طالعًا.

أصدقائي الأعزاء، أضاف البابا يقول، إنَّه سرّ النداء، الدعوة: سرٌّ يرتبط بحياة كلِّ مسيحي، ولكنَّه يظهر بوضوح أكبر لدى الذين دعاهم المسيح لترْك كلِّ شيء واتِّباعه عن قرب. والإكليريكيَّة، قال البابا، زمن مخصَّص للتنشئة والتمييز. والتنشئة، كما تعلمون جيِّدًا، لها أبعاد متعدِّدة، فهي تتضمَّن البعد الإنساني والروحي والثقافي، وهدفها التعرّف على الله الذي وبيسوع المسيح أظهر لنا وجهه. ولذا، فإنَّ دراسة معمَّقة بالكتب المقدَّسة والإيمان وحياة الكنيسة، ضروريَّة. وقد تبدو هذه الدراسة في بعض الأحيان متعبة ومضنية، ولكنَّها تشكِّل جزءًا يتعذَّر استبادله في لقائنا مع المسيح ودعوتنا إلى التبشير به.

وأشار الحبر الأعظم في كلمته إلى الإكليريكيين في كنيسة القديس بانتيليون في كولونيا، إلى أنَّ الإكليريكيَّة هي فترة سيْر وبحث واكتشاف المسيح بنوع خاص. وبمقدار ما يكون هناك اختبار شخصي مع المسيح، يستطيع الشاب أن يفهم مشيئته وبالتالي دعوته الخاصَّة. إنَّه عمل الروح الذي يدوم كلَّ الحياة، ويجد في الإكليريكيَّة ربيعه، فصلا غنيًا بالوعود.

وتابع الأب الأقدس كلمته قائلا:"عند وصولهم بيتَ لحم، دخل المجوس البيت فرأوا فيه الطفل وأمَّه مريم، فجثوا له ساجدين (متى 2،11). أخيرًا، اللحظة التي تمَّ انتظارها: اللقاء مع يسوع. فهذا البيت يمثِّل بطريقة ما الكنيسة، وللقاء المخلِّص لا بدَّ من دخول هذا البيت الذي هو الكنيسة.وفي الإكليريكيَّة،  ينمو لدى الإكلريكي الشاب نضج مميَّز: فلا يعود يرى الكنيسة من الخارج إنَّما يشعر بها من الداخل، كبيته، لأنَّها بيت المسيح حيث تسكن أمُّه مريم. وخلال حياة الإكليريكيَّة،يمكننا عيش اختبار الوجود المحبّ لمريم التي تقدِّم كلّ واحد للقاء المسيح، وذلك في الصمت والتأمل، والصَّلاة والحياة الأخويَّة. تساعد مريم على لقاء الربّ سيَّما في الإحتفال الإفخارستي.

وحين جثا المجوس للطفل، فتحوا حقائبهم وأهدوا إليه ذهبًا وبخورًا ومرًا. هذه هي ذروه المسيرة: اللقاء يتحوَّل سجودًا وعمل إيمان ومحبَّة يعترف بيسوع، المولود من مريم، ابن الله الذي صار إنسانًا.  إنَّ سرَّ القداسة يكمن في الصداقة مع المسيح وإتمام مشيئته. ويقول القديس أمبروزويس:"المسيح هو كلُّ شيء بالنسبة لنا" ويدعو القديس مبارك إلى عدم تفضيل أيِّ شيء على محبَّة المسيح. ودعا البابا الإكليريكيين إلى تقديم أثمن ما لديهم، متذكِّرًا كلمات يوحنا بولس الثاني في رسالته لليوم العالمي العشرين للشباب:"قدِّموا ذهبَ حريَّتكم، بخور صلاتكم الحارَّة، والمرّ، أي مودَّتكم المُفعمة بعرفان الجميل."

وأضاف البابا يقول في كلمته إنَّ الإكليريكيَّة هي فترة الإستعداد للرسالة. عاد المجوس إلى بلادهم، وقدَّموا بالطَّبع شهادة لقائهم مع ملك اليهود. وأنتم أيضًا، وبعد مسيرة التنشئة الطويلة والضروريَّة في الإكليريكيَّة،سيتمُّ إرسالكم لتكونوا خدَّام المسيح. وفي رحلة عودتهم، واجه المجوس حتمًا المصاعب والتعب، فلم يكن هناك من نجم يرشدهم! فالنورُ كان في داخلهم؟ وفي الختام دعا البابا بندكتس السادس عشر الإكليريكيين الذين التقاهم في كنيسة القديس بانتيليون في كولونيا إلى أن يتذكَّروا دومًا كلمات يسوع هذه:"إستقرِّوا في محبَّتي." "لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم." هذا هو سرُّ دعوتكم ورسالتكم. إنَّه محفوظ في قلب مريم الطاهر، هي التي تسهر بمحبَّة والديَّة على كلِّ واحد منكم. الجأوا إليها بإيمان...

 








All the contents on this site are copyrighted ©.