2005-08-13 16:24:05

إنجيل الأحد 14 آب أغسطس ... وقفة تأمل أسبوعيَّة حول كلمة الحياة


ثمَّ خرَجَ يسوعُ من هناك وذهبَ إلى نواحي صور وصيدا. وإذا امرأة كنعانيَّة خارجةٌ من تلكَ البلاد تصيح:"رُحماك سيِّدي! يا ابن داود! إنَ ابنتي يتخبَّطها الشيطان تخبطًا  شديدًا." فلمْ يُجبْها بكلمة. فدنا تلاميذهُ يتوسَّلون إليهِ فقالوا:"أجبْ طلبَها وإصرفْها، فإنَّها تتبعُنا بصياحها." فأجاب:"لم أُرسَلْ إلاَّ إلى الخراف الضالة من آلِ إسرائيل." ولكنَّها وصلتْ إليه فسجدتْ له وقالت :"أغثني سيِّدي!" فأجابها:"لا يحسُنُ أن يؤخَذَ خبزُ البنين فيُلقى إلى جِراءِ الكلاب." فقالت:"رحماك سيِّدي! حتى جِراء الكلاب تأكلُ من الفتات الذي يتساقطُ عن موائد أصحابها." فأجابها يسوع:"ما أعظمَ إيمانَك أيَّتها المرأة، فليكُن لكَ ما تُريدين." فشُفيت ابنتُها من ساعتها. (متى 15: 21 ، 28)RealAudioMP3

 

   تعكس لنا آيات إنجيل هذا الأحد تلك الصورة الجوهريّة للخلاص المرتبط بكلمة الله وبقلب الإنسان المريض. إنّه اللقاء مع تلك الأم الوثنية في نواحي صور وصيدا بيسوع: إنّه بُعدُ الخلاص الذي يشمل كلّ البشريّة دون أي تمييز في العرق واللون والمسافة. إن مرض ابنة الكنعانية مُتجذّر في مملكة سلطان الشرّ والموت الذي يلف البشرية جمعاء.

   "يا يسوع ابن داود": عبارة نادت بها ابنة الكنعانيّين يسوع، فلم يجبها لأنّ الخلاص لم يكن قد تخطّى بعد حدود الشّعب المختار... ولكنّ إصرار المرأة وعدم استسلامها وتشبيه نفسها بالكلاب التي تأكل من الفتات المتساقط عن موائد أسيادها، عكس عمق تواضعها الذي دخلت من خلاله إلى تاريخ ومخطّط خلاص الله عبر يسوع المسيح، فكسرت احتكار الخلاص لشعب واحد وفتحت حدود مراحم الله ليدخل خلاصه كلّ الأمم والشّعوب.

   لقد سرقت المرأة الكنعانيّة الخلاص بتواضعها وانسحاق قلبها، ونحن على مثالها قادرون على أن نسرق ملكوت الله بتواضعنا وإيماننا. يسوع يُتمم لنا ما نريد إن أحسنّا السؤال، وهو القائل لنا:"إسألوا تُعطَوا، أُطلبوا تجِدوا، إقرعوا يُفتَح لَكم". كم طيّبٌ نيرُكَ يا ربُّ وكم حملُكَ خفيف. ما تطلبه منّا هو أن نتواضع ونسأل بإلحاح، فمن ألحَّ على نوال الحقّ ناله، ومن ثابر على الجور انتصر عليه في المُنتهى.

   إلهنا إله محبّة، وما يطلبه منّا هو المحبّة، لا يُحمِّلُ الواحد منّا أكثر من طاقته، ولا يُعاقِبُ من أجل العقاب، بل يؤنّب كالأب الحنون أولاده إن ضلُّوا عن طريق الصّواب. فلنُصحِّي إخوتي الأحباء في زمن الصيف هذا قلوبنا النائمة، ولنُسهِب في تأمُّلنا في ليل عالمنا المظلم بمن تنتظره نفوسنا، بيسوع المسيح. لنفتكر بعلاقاتنا مع الآخرين علَّنا نغيِّر بعضاً من تصرُّفاتنا السيِّئة ونمنح أنفسنا فرصة عيش اختبار جديد، نصغي فيه أكثر لصراخ كلّ متألِّمٍ ومُحتاج، فتصحو في داخلنا نعمة الانتظار وتولد فينا الثقة بالله وبالحياة.آمين

 

 


 








All the contents on this site are copyrighted ©.