2005-07-16 15:55:12

إنجيل الأحد 17 تموز يوليو... وقفة تأمل أسبوعيَّة حول كلمة الحياة


وضرب لهم يسوع مثلاً آخرَ قال:"مثل ملكوت السماوات كمثلِ رجلٍ زرعَ طيِّبًا في حقله. وبينما الناس نيام، جاء عدوُّه فزرعَ بين القمح زؤانًا ومضى. فلما نمى النبتُ وأخرجَ سنبُلَه، ظهرَ الزؤانُ معه. فجاء ربَّ البيت عبيدُهُ وقالوا له:"سيِّدي، ألم تزرع زرعًا طيبًا في حقلك؟ فمن أينَ جاءَه الزؤان؟" فقال لهم:"بعض الأعداء فعلَ ذلك." فقال له العبيد:"أتريدُ أنْ نذهبَ فنجمَعهُ؟" فقال:"لا، ومخافةَ أن تقلعوا القمحَ وأنتم تجمعون الزؤان، فدعوهما ينبتان معًا إلى يوم الحصاد، حتَّى إذا أحصدَ الزرعُ أقول للحصَّادين:اجمعوا الزؤان أوَّلاً واربطوه حزمًا ليحرق. وأمَّا القمح فاجمعوه وأتوا به إلى أهرائي."

وضرب لهم مثلاً آخر قال:"مثلُ ملكوت السماوات كمثَل حبَّةٍ من خردل أخذها رجلٌ فزرعها في حقله. هي أصغر الحبوب كلِّها، فإذا نمتْ كانت أكبرَ البُقول، بل صارت شجرة حتَّى تأتي طيرُ السماء فتستظلُّ في أغصانها."

وأوردَ لهم مثلاً آخر قال:"مثلُ ملكوت السماوات كمثلِ خميرة أخذتها امرأة، وجعلتها في ثلاثة مكاييل من الدَّقيق حتى اختمرت كلُّها." هذا كلُّه قال يسوع للجموع بالأمثال، ولم يخاطبْهم إلاَّ بضربِ المثل، فتمَّ ما أُوحي إلى النبيِّ فقال:"أنطق بالأمثال وأُعلنُ ما كان خفيًا منذ إنشاء العالم."

ثمَّ ترك الجموع ورجع إلى البيت، فدنا منه تلاميذُه وقالوا له:"فسِّر لنا مثلَ زؤان الحقل." فأجابهم:"الذي يزرعُ الزرعَ الطيبَ هو ابن الإنسان، والحقلُ هو العالم، والزَّرعُ الطيبُ يمثِّلُ بني الملكوت، والزؤان يمثِّلُ بني الشرِّير، والعدوّ الذي زرعه هو إبليس، والحصاد هو انقضاء الدهر، والحصَّادون هم الملائكة. فكما أنَّ الزؤانَ يُجمعُ ويُحرقُ في النار، فكذلك يكون في انقضاء الدهر: يرسلُ ابنُ الإنسان ملائكتَه، فيُخرجون من ملكوتهِ جميع المفسدينَ والفاسقين ويقذفون بهم في أتُّون النار، فهناك البكاءُ وصريفُ الأسنان. والصدِّيقون يشعِّون حينئدٍ كالشمس في ملكوت أبيهم. فمن كان له أذنان فليسمع! (متى 13: 24 ـ 43) RealAudioMP3

 

التأمل

   الأمثال الثلاثة التي ضربها لنا يسوع تُفهمنا معنى ملكوت الله. فملكوت الله كمثلِ رجلٍ زرع زرعاً طيّباً في الحقل: وهذا المثل يشرحه يسوع لتلاميذه بوضوح تام ويُحذّر من الأعداء الذين يبثّون الزؤان لحظة الضعف والغياب وقلّة التنبّه، لذا علينا السّهر على الدوام وأن نكون مستعدين كالعذارى الحكيمات. الزؤان أو الشرّ الذي زرعته اليد الأثيمة، هو الشر الذي ينمو في قلب الإنسان، ومن يصنعون الشّر يعيشون مع أخيار العالم، إذ يصعب التنبّه للشرّ الكامن في قلوب كثيرين ممّن يعيشون وينمون بالقرب منّا، ولكن طهارة الطفولة لا تُدرك غش النفوس وعندما تُزهر أعمال الإنسان وتُثمر، فستظهر للناس خيراً أم شرّا ويقع الفرز الطبيعي بين الزرع الطيّب والزؤان الذي مصيره في أتون النار. هذا المثل يُجيب على التساؤلات القائلة: "لماذا لا يقضي الله على الأشرار؟ وإذا كان الله حنوناً فلماذا لا يوقف الحرب ويمنع الشّر؟ نعم إن الله يريد أن ينمو الشرّ والخير جنباً إلى جنب حتّى النهاية ليُعطي المجال لكل إنسان بالعودة إلى حنانه ومراحمه الإلهيّة من خلال التوبة عن أعماله الشرّيرة.

   وملكوت السماوات كمثَل خميرة أخذتها امرأة وجعلتها في الدقيق حتّى اختمرت، وهذا يعني أنّ حضور ملكوت الله في العالم، وإن كان خفياً، فهو جزء من البشريّة يُنمّيها ويجعلها صالحة.

   كما أنّ ملكوت الله كحبّة خردل، وهي أصغر الحبوب، فعندما تمنوا تُصبح أكبر البقول، وملكوت الله يختزن قوّة خارقة تحطّم كلّ مقاييس النمو وتجعل من الإنسان عظيماً، ولكنّه بحاجة إلى أرض طيّبة ليُثمر، وإلى بشرية صالحة لتستقبله.

   فلتزم إخوتي الأحباء بكلِّ ما أوتينا من قوَّة في محاربة الشّر بدون خوف ولا قنوط لأنّ لله وحده الغلبة على الشّر وليس لنا نحن الضعفاء. آمين.

 

 

 

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.