2005-07-02 14:47:10

إنجيل الأحد 3 تمّوز يوليو 2005


   وتكلّمَ يسوعُ في ذلك الوقتِ فقال:"أحمَدُكَ يا أبَتِ ربَّ السماواتِ والأرض، قد حَجَبتَ هذا عن الحُكماء والأذكياء، وكشفتَه للأطفال. نعم يا أبتِ تِلكَ مشيئَتُكَ. قد أولاني أبي كلَّ شيء، فما من أحدٍ يعرفُ الابنَ إلاَّ الآب، ولا مِن أحدٍ يعرِفُ الآبَ إلاَّ من شاءَ الابنُ أن يكشفَ له. تعالَوا إليَّ جميعاً أيّها المُرهقون والمُثقَلونَ، فإنِّي أُريحُكُم. إحملوا نيري وتتلمَذوا لي، أنا الوديع والمتواضِعُ القلب، تجدوا الرَّاحَةَ في نفوسِكُم، لأنّ نيري لطيفٌ وحملي خَفيف". (متّى: 11/25-30)

 

التأمّل: RealAudioMP3

 

   يضع الصغار أحياناً كثيرة من خلال تساؤلاتهم الكبار في حرج كبير. فأحد مشاهير الفلاسفة (هايديغر) كان يقول لتلاميذه:"إذا أردتم التقدّم في الفلسفة والدّين، دعوا الأطفال يسألونكم... إذ ليس بالإمكان إعطاءهم الجواب دائماً ولكنّهم يُقرّبونَكم من الحقيقة". الله يكشف الحقيقة للأطفال. أسئلة الأطفال سهلة وعميقة في الآن معاً، إنها الأسئلة نفسها التي كفّ الكبار عن طرحها ظنًّا منهم بأنها غير مجدية ولا تلقى الجواب، فيضيعون في مسائل أخرى كثيرة يظنّونها أكثر جديّة...

   تُصوّر لنا الأناجيل يسوع رجل صلاة كان يُمضي الليالي متوحّداً لمناجاة أبيه الذي في السماوات، وقد علّم رسله صلاة الأبانا ليعكس العلاقة الحميمة بين الأب وابنه. صلاة يسوع كلمات قليلة وعبارات مقتضبة تعكس روحانيّته الواثقة حتّى الصّليب بأبيه السماوي. يسوع يُسبّح، يشكر يُعظّم والده وكأنّه طفل صغير يكتشف مدى حبّ الله للإنسان... إنّ الله بعَنَي يسوع هو من يدركه ويفهمه الأطفال والصّغار والفقراء  والخطأة الذين يقبلون بفرح بشارة ملكوت الله، فيما حكماء الزّمان، الكتبة والفرّيسيُّون يرفضون بكبرياء معرفتهم تعاليم الإنجيل. حكماء وأثرياء كلّ الأزمان رفضوا ما حمله ملكوت الله من جديد لأنّهم ادّعوا معرفة الله واكتفوا بغناهم المادي فقط دون طلب نعمة الغفران والتوبة عن خطاياهم.

   ما هو التواضع؟ سؤال صعب يسهل على الأطفال الإجابة عليه: أن أتواضع لا يعني أن أحتقر وألغي ذاتي والآخر، بل أن أتذكّر بأنّني تراب وإلى التراب سأعود، وهذا التراب هو المادّة التي قبلت نفخة الله وروحه الذي بعث الحياة في عروق آدم، إنّه المكان الصالح لنمو بذار كلمة الله. التواضع هو أن أعترف بخطيئتي وأطلب المغفرة عندما أصبح مستحقًّا نوال نعمة الله ورحمته الفيّاضة. لقاء رحمة الله هو لقاء قلبه الحاني على التعساء، والمحبّ للصغار والفقراء والخطأة.

   التواضع هو أساس كلّ الفضائل المسيحيّة، فإن نلنا الفضائل كلّها بدون التواضع لا يقبلنا الله، وإن نلنا نعمة التواضع لوحدها يستسيغنا قلب يسوع القدّوس فنسمعه يقول لنا:" تعالَوا إليَّ جميعاً أيّها المُرهقون والمُثقَلونَ... أنا الوديع والمتواضِعُ القلب، تجدوا الرَّاحَةَ في نفوسِكُم". آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.