2005-06-18 16:08:17

إنجيل الأحد 19 حزيران يونيو وقفة تأمل أسبوعيَّة حول كلمة الحياة


قال يسوع: لاتخافوهم! فمَا من مستورٍ إلاَّ سيُكشف، ولا من مكتومٍ إلاَّ سيُعلَم. والذي أقولُهُ لكم في الظُلُمات، قولوه في وضَحِ النهار. والذي يُقال لكم همسًا في الأذن، نادوا به من على السطوح. لا تخافوا الذين يقتلونَ الجسد ولا يستطيعون قتْلَ النفس، بل خافوا الذي يقدِرُ على أنْ يُهلكَ النفسَ والجسدَ جميعًا في جهنَّم. أما يُباعُ عصفوران بفَلْس؟ ومع ذلك لا يسقطُ واحدٌ منها إلى الأرضِ بغير علمِ أبيكم. أمَّا أنتم، فشعرُ رؤوسكم نفسُه معدودٌ بأجمعه. لا تخافوا، أنتم أكرمُ من عصافير كثيرة. من عرَفني لدى الناس، أعرِفُه لدى أبي الذي في السماوات. ومن نكرني لدى الناس، أُنكرهُ لدى أبي الذي في السماوات." (متى 10/ 26 ـ 33)RealAudioMP3

 

نشعر أحيانًا كثير إخوتي الأعزَّاء ونحن نستمع لآيات الإنجيل، وكأنَّ يسوع يكلِّمنا عن حقائق من الصعب بلوغها. كيف لا نخاف القاتل ونحن بشر ضعفاء؟ صحيح أنَّنا بشر، ولكنَّنا مسيحيون أيضًا، والشهادة للمسيح تتطلَّب منَّا استشهادًا عن أمور كثيرة من ميول ونزوات، استشهادًا حتَّى الذروة، أي شهادة الدم من أجل خلاص العالم. أنْ أؤمن بيسوع، وأسير وراءه يعني أنْ أتبعه حتَّى على طرقات أورشليم المؤدِّية إلى الجلجلة فالصليب. أورشليم "قاتلة الأنبياء والمرسلين إليها."

ربَّما نحن لا نقدِّم الآن شهادة الدم، بيدَ أنَّ إخوة كثيرون في انحاء عديدة من العالم يدفعون الدم اغتصابًا لحقوقهم المشروعة وحرياتهم المقدَّسة. كما لا يسعنا نسيان قوافل شهداء العصر من كهنة مقدامين عاشوا في ربوعنا وبين أحيائنا، ومن شهداء الدم من أجل إيمانهم في أوروبا وآسيا وأمريكا وأفريقيا. استُشهدوا جميعًا مقتنعين بأنَّ الحبَّ والرجاء أقوى بكثير من العنف والسِّلاح، استُشهدوا كعشَّاق لله والإنسان لأنَّ فيضان مياه الشرِّ عاجز عن إطفاء شعلة المحبَّة، ولأنَّ الحبَّ أقوى من الموت.

كلمات إنجيل هذا الأحد، لا تحذِّرنا من نار جهنَّم في المطلق بل من الغرق في نار جهنَّمِ حياتنا اليوميَّة التي تطاردنا فيها تجارب فقدان كرامتنا الإنسانيَّة فيدبّ الرعب الكبير في عظامنا، رعب فقدان الرجاء والتحوّل إلى أدوات للعنف والظلم في مجتمعاتنا، رعب فقدان قدرتنا على المحبَّة والإيمان والرجاء.

كلمات إنجيل هذا الأحد، تدعونا لتعميق جذورنا بالثقة المطلقة بالله. استشهادنا اليومي من أجل خلاص نفوسنا هو الصبر على الآلام، فالصبر يمتحن عظمة الحبِّ الكامن فينا والعطاء إلى ما لا نهاية، متقبِّلين من خلال إماتاتنا اليوميَّة الصغيرة الموت عن ذواتنا بسخاء يغمره العطاء اللامحدود. آمين.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.