2005-06-10 15:47:30

كلمة قداسة البابا إلى أساقفة بوتسوانا، سوازيلاند، ناميبيا وليسوتو في زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية


استقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر صباح اليوم الجمعة في الفاتيكان أساقفة بوتسوانا، سوازيلاند، ناميبيا وليسوتو في زيارتهم القانونية للأعتاب الرسولية، ووجه لهم كلمة استهلّها بعبارات المزمور المائة والثاني والثلاثين: "ما أطيب وما ألذّ أن يسكنَ الأخوة معاً".  وبعد أن رحّب قداسته بالأساقفة الأفارقة، سألهم أن يبلغوا تحياته الحارة إلى مواطنيهم الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين.  ثم قال البابا: تأتي زيارتكم القانونية للأعتاب الرسولية تزامناً مع الاحتفال بسنة الإفخارستية.  فالإفخارستية، قلب الحياة المسيحية ومصدر رسالة الكنيسة التبشيرية، لا يسعها إلا أن تكون في صلب الخدمة البطرسية، وينبغي بالتالي أن تكون "قلب" رسالتكم الأسقفية، ومصدر إيحاء لكل شخص يعاونكم في هذه المهمة المقدسة. 

       إن المؤمنين الكاثوليك في بلدانكم، تابع الأب الأقدس يقول، يشكلون أقلية، وهذا الواقع يطرح تحديات كثيرة تتطلّب التزاماً أكبر من قبل الكنيسة، لترعى قطيع المؤمنين الموكل إليها، وتبقى ـ في الوقت عينه ـ أمينة لالتزامها الإرسالي.  ومن هنا تنبع ضرورة أن يصبَّ الأساقفة اهتمامهم على التعليم المسيحي كيما يصبح شعب الله مستعداً للشهادة لتعاليم الإنجيل قولاً وفعلا.  وفيما أنظر إلى الكنيسة في أفريقيا وكلّ ما تم إنجازه هناك خلال القرن الماضي، قال قداسته، أرفع الشكر لأبينا السماوي على هذا العدد الكبير من الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين الذين كرّسوا أنفسهم لهذه الرسالة النبيلة.  ومن واجب الأساقفة أن يسهروا على تنشئة هؤلاء المبشّرين بالإنجيل تنشئة روحية، عقائدية وخلقية.

       ومضى البابا بندكتس السادس عشر إلى القول: على الرغم من حاجة أفريقيا إلى مزيد من الكهنة، لا يُمكننا إلاَّ أن نشكر الله على هذا العدد الكبير من الدعوات الكهنوتية في دول أفريقيا ما دون الصحراء.  ومسؤولية تنشئتهم، كيما يصبحوا "رجال الإفخارستية"، تقع على عاتقكم أيها الأخوة الأعزاء، لكونكم رعاة قطيع المسيح.  والكهنة مدعوون بدورهم إلى التخلّي عن كلّ شيء ليكرسوا أنفسهم بالكامل لهذا السر المقدس.  وينبغي أن يُعدَّ هؤلاء الرجال لمواجهة التحديات الكبيرة التي ستعترض طريقهم، وليعكسوا ـ بالقول والفعل ـ السلام والفرح اللذين يمنحهما ربنا ومخلّصنا.  إن عالماً مليئًا بالتجارب يحتاج إلى كهنة مكرسين بالكامل لرسالتهم، وهؤلاء الكهنة مدعوون أيضاً إلى الانفتاح تماماً على خدمة الآخرين، كما فعل المسيح الذي عانق هبة العفّة.  ويجب أن يساعدهم الأساقفة، كي لا تصبح هذه الهبة عبئاً عليهم، بل لتبقى دوماً مصدراً للحياة.

       وتابع قداسة الحبر الأعظم يقول: كانت الحياة العائلية دوماً ميزة موحِّدة في المجتمع الأفريقي.  فداخل الكنيسة المنزلية، المبنية على أسس الثقافة وقيم التقاليد الأفريقية النبيلة، يتعلّم الأطفال أهمية الإفخارستية في الحياة المسيحية.  ومن المقلق جداً أن يكون نسيج الحياة الأفريقية مهدداً بالطلاق والإجهاض والدعارة والاتّجار بالكائنات البشرية. 

أيها الأخوة الأعزاء، قال البابا، إني أشارككم قلقكم الكبير حيال تفشي داء الأيدز وأمراض أخرى في مجتمعاتكم.  وأرفع الصلاة بنوع خاص من أجل الأرامل والأيتام وكل من يعاني من هذا الوباء الخطير، وأحثكم على مواصلة الجهود الآيلة إلى مكافحة الفيروس، الذي لا يحصد الأرواح وحسب، إنما يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في القارة.  فالكنيسة الكاثوليكية كانت دوماً في طليعة الساعين إلى احتواء هذا المرض، من خلال الوقاية منه ومعالجته.  وتعاليم الكنيسة التقليدية أثبت أنها الوسيلة الوحيدة القادرة على الحؤول دون انتشار الداء.  ولهذا السبب ينبغي أن يتعرّف المؤمنون، سيما الأجيال الفتية، على الفرح والسلام الناتجَين عن الزواج المسيحي والأمانة الزوجية والوقاية الناتجة عن العفة.

       وفي ختام كلمته إلى الأساقفة الأفارقة أكّد البابا أنه يصلّي كيما يشدد عزيمتهم وعدُ الرب الذي قال لتلاميذه: "ها أنا معكم جميع الأيام".  ثم منح قداسته الجميع فيض بركاته الرسولية.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.