2005-05-25 15:53:14

في مقابلة الأربعاء العامّة قداسة البابا يتحدَّث عن المزمور المائة والخامس عشر ويوجِّه نداء من أجل أفريقيا


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر مقابلته العامّة المعتادة مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان وتابع فيها تعاليمه حول مزامير صلوات المساء في الكنيسة واختار المزمور المائة والخامس عشر الذي جاء فيه:"... ماذا أردُّ إلى الرّب عن جميع ما كافأني به. آخذ كأس الخلاص وأدعو اسم الرّب. أوفي نذوري للرّب أمام كلّ شعبه. كريم في عينَي الرّب موت أصفيائه...فلكَ أذبح ذبيحة الاعتراف وادعو اسمَ الرّب...".

 

   المزمور الذي أنشدناه بصلاتنا منذ قليل، قال البابا في تعليمه الأسبوعي، استعمله التقليد المسيحي على الدوام ابتداءاً من القديس بولس الذي كتب إلى مسيحيّي كورنتس يقول:"فإذ فينا روح الإيمان الواحد على حسبِ ما كُتبَ إنّي آمنتُ ولذلك تكلّمتُ فنحن أيضاً نؤمن ولذلك نتكلّم". (2كور:13،4).

   يشعر الرسول بولس، أضاف البابا، بتناغم روحي تام مع صاحب المزامير في السكون والثقة والشهادة الصادقة بالرغم من الآلام والأوهان البشريّة. وفي رسالته إلى الرومانيّين كرّر بولس في الآية الثانية من المزمور مسطّراً التناقض بين الله الأمين والإنسان المتقلّب:"حاشى بل فليَكُن الله صادقاً وكلّ إنسان كاذباً" (روما:4،3).

 

   التقليد المسيحي اللاحق حوّل نشيد هذا المزمور إلى احتفال بالشهادة بسبب عظمة موت أصفياء الرّب في عينَيه. وكذلك حوّله صلاة من أجل القربان الأقدس عندما يقول المزمور في الآية الثالثة عشرة "آخذ كأس الخلاص وأدعو اسم الرّب"، وربطه "بكأس البركة" و "كأس العهد الجديد"...

   إنّ المزمور المائة والخامس عشر يشكل وحدة في المبنى مع المزمور المائة والرابع عشر. فكلاهما يُشكّلان نشيد شكرِ واحد مرتفع إلى الرّب الذي يُحرّر المرء من كابوس الموت. وتعكس لنا آيات المزمور ذكرى الماضي المرير:"إنّي عُنّيتُ جدًّا"، مما دفع المؤمن إلى فقدان الثقة بالآخرين:"قلتُ في جزعي كلّ إنسان كاذب"، ولكنّ الله ينقذ المؤمن من براثن الشرّ ويجازيه خيراً فيهمّ قائلاً:"ماذا أردُ إلى الرّب عن جميع ما كافأني به. آخذ كأس الخلاص وأدعو اسم الرّب".

 

   وبالإضافة إلى كأس الخلاص يوفي المؤمن للرّب نذوره أمام كلّ الشّعب، فيعلن للملأ عن شكرانه له بالرغم من إدراكه أنّه سيُلاقي الموت، يضع ثقته بمحبّة الله. فالله ليس غير مبال بمأساة خليقته، بل يحنو عليها ويحلّ قيودها.

   إنّ المصلي المُنقَذ من الموت يشعر بأنه خادم للرّب وابن لأمته وفرد من أفراد بينته. وتُختتم الآية الأخيرة من المزمور، أضاف البابا في نهاية تعليمه برفع المؤمن الشكر للرّب مجدّداً في ديار بيت الرّب وفي وسط المدينة المقدّسة فيصير رمزاً للأمانة والمحبّة لإله لا يترك الإنسان المستقيم يتخبّط في رحم الألم والموت بل يقوده في سبيل الرجاء والإيمان.

 

   ثمّ لخّص البابا تعليمه بلغات عديدة وتوقّف في حديثه باللغة الإنجليزيّة يقول:"اليوم هو يوم أفريقيا، إن فكري وصلاتي يتّجهان إلى شعب هذه القارّة الحبيب. أُشجّع مؤسّساتنا الكاثوليكيّة على المثابرة في إيلاء الاهتمام السّخي بحاجات أبناء هذه القارّة، وآمل من الجماعة الدوليّة أن تلتزم أكثر فأكثر في حل مشاكل القارّة السّمراء".

 

   وبعد الانتهاء من تعليمه توجّه البابا بتحياته للحاضرين وخصّ منهم الرهبنة الأنطونيّة المارونيّة التي تحتفل في هذه الأيام بالذكرى المئويّة الأولى على تأسيس ديرها في روما، وتتهيأ لعقد مجمعها العام في الصيف القادم سائلاً الله أن يسكب عطايا روحه القدوس على جميع أبنائها. ثمّ حيّ الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد متمنياً لهم خدمة الرّب بفرح ومحبّة القريب بروح إنجيليّة. وذكّر البابا في الختام بعيد خميس جسد الرّب ودمه الذي تحتفل به الكنيسة يوم غدٍ عند الساعة السابعة مساء بقدّاس إلهي يرئسه قداسة البابا على رتاج بازيليك القديس يوحنّا اللاتيران بروما، ويقوم بعدها بزياح القربان المقدّس من اللاتيران إلى بازيليك القديسة مريم الكبرى عبر شارع ميرولانا. ودعا قداسته الجميع ليشاركوه بكثافة هذه المناسبة تعبيراً لإيمانهم بالمسيح الحاضر في سرّ القربان المقدّس.








All the contents on this site are copyrighted ©.