2005-04-27 15:40:51

في أوَّل مقابلة عامَّة مع المؤمنين: أرغب أن أضع مهمَّتي في خدمة المصالحة والتناغم بين البشر والشعوب... خير السلام عطيَّة من الله


   أجرى قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الأربعاء الجاري في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، مقابلته العامّة الأولى مع المؤمنين بعد انتخابه حبراً أعظم. وجّه قداسته كلمة للمؤمنين المحتشدين في الساحة وجميع من استمعوا إليه مباشرة عبر الإذاعة والتلفزيون في مختلف أنحاء العالم، استهلّها بتوجيه التحيّة للجميع مذكّراً بما قاله يوم الأربعاء الفائت في القداس الذي احتفل به في كابلّة السيكستين مع الكرادلة لاختتام أعمال الكونكلاف، وعبّر فيه عن الصراع الذي يخالج نفسه في هذه الأيام الأولى لخدمته البطرسيّة، ويتلخّص بالرّهبة والامتنان لله الذي فاجأه بدعوته لخلافة الرّسول بطرس: رعشة داخليّة، قال البابا، أمام عظمة المهمّة والمسؤوليات التي أُلقيت على عاتقي". ولكن عون الله وأمّه العذراء مريم، كما قال، يزرع في قلبه السكنية والفرح إلى جانب دعم شعب الله الذي يرافقه بالصلاة.

   "بعد الرّحيل الخاشع لسلفي البابا يوحنّا بولس الثاني، أضاف البابا في مقابلته العامّة مع المؤمنين يقول، نستعيد اليوم المقابلات العامّة التقليديّة ليوم الأربعاء، ونعود إلى حياتنا العاديّة. ففي هذا اللقاء أريد قبل كلّ شيء شرح معنى الاسم الذي اخترته عندما أصبحت أسقفاً لروما وراعياً للكنيسة الجامعة. لقد شئت تسميت نفسي بندكتس السادس عشر لأتواصل مثالياً مع سلفي المكرّم بندكتس الخامس عشر، الذي قاد الكنيسة في مرحلة صعبة بسبب الحرب الكونيّة الأولى. كان جريئاً ونبيّ سلام حقيقي، فعمل كلّ ما بوسعه في البداية لتجنّب مأساة الحرب، ومن ثمّ للحدّ من نتائجها الخيّبة. إنّني أرغب على خطاه أن أضع مهمّتي في خدمة المصالحة والتناغم بين البشر والشعوب، وكلّي قناعة بأنّ خير السلام العظيم هو قبل كلّ شيء عطيّة من الله، عطيّة وللأسف، سريعة العطب وغالية علينا حمايتها وبناؤها يوماً بعد يوم وبمشاركة الجميع.

   واسم بندكتس، أضاف البابا، يذكّرنا أيضاً، بصورة "بطريرك الحياة الرهبانية الغربيّة" العظيم القديس بندكتس، شفيع أوروبا إلى جانب القديسَين كيرللس وميتوديوس، والنساء القدّيسات، كاترين السيانيّة، بريجيدا وإيديت شتاين. إنّ نمو الرهبنة التي أسسها، ترك تأثيره الكبير في نشر المسيحيّة في القارّة القديمة. لذا فإن إكرام القديس بندكتس كبير جدّا في ألمانيا، وخصوصاً في بافاريا، أرض منشأي، وهو يُشكل نقطة ارتكاز أساسيّة لوحدة أوروبا وتذكير قوي بجذورها المسيحيّة وثقافتها وحضارتها.

   تعلّمنا من أب الرهبان الغربيين بندكتس توصيته الشهيرة:"ما من شيء على الإطلاق يقف عائقاً بوجه المسيح". ففي بداية خدمتي أطلب من القديس بندكتس مساعدتي للحفاظ على محوريّة المسيح في وجودنا. فليكُن هو الأوّل في جميع أفكارنا وأفعالنا.

   ثمّ عاد البابا في ختام تعليمه للحديث بعاطفة عن البابا الراحل يوحنّا بولس الثّاني مُضيفاً أنّ الجميع يشعرون بالامتنان له للإرث الروحي المميّز الذي تركه لنا. "إنّ جماعاتنا المسيحيّة ـ كتب في رسالته الألف الجديد الذي بدأ ـ عليها أن تتحوّل إلى مدارس صلاة حقيقيّة، حيث لا يعبَّر عن اللقاء بالمسيح بابتهال العون فقط، ولكن برفع الشكر والتسبيح والعبادة والتأمّل والإصغاء لصوته... وأكّد البابا بندكتس السادس عشر أنّه سيواصل تعاليمه ليوم الأربعاء حول القسم الثاني من شرح المزامير المقدّسة الذي كان قد أعدّه السعيد الذكر البابا يوحنّا بولس الثاني، وسيبدأ من حيث انتهت آخر مقابلة عامّة له في السادس والعشرين من كانون الثاني يناير الماضي.

   وبعد أن لخّص قداسته تعليمه هذا الأربعاء بلغات عديدة ومن بينها الإسبانيّة، وجّه تحياته لجميع الحاضرين وخصّ بالذكر الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد، وتمنى أن يملأ فرح المسيح القائم من الموت قلوبهم. واختتم اللقاء بتلاوة صلاة الأبانا.








All the contents on this site are copyrighted ©.