2005-04-12 15:22:47

الرسالتان العامتان للبابا يوحنا بولس الثاني في أسس تعليم الكنيسة في الأخلاق وفي قيمة الحياة البشريَّة وحصانتها


في عام 1987، صدرت رسالة البابا الرسوليَّة "روح الربّ" في ذكرى مرور قرن على وفاة القدِّيس الفونسو دي ليغوري، وعبَّر يوحنا بولس الثاني حينها عن نيَّته في نشر رسالة تتعمَّق في معالجة مسائل مرتبطة بأصول اللاهوت الأخلاقي. وفي السادس من شهر آب أغسطس من عام 93 صدرت رسالة البابا العامَّة "تألّق الحقيقة" في أسس تعليم الكنيسة في الأخلاق. وكتب الأب الأقدس في رسالته: إنَّ يسوع المسيح هو الذي يُعطي الجواب على تساؤل الإنسان، ولا سيَّما في الدين والأخلاق، بل يسوع المسيح هو الجواب على حدِّ ما يذكِّر به المجمع الفاتيكاني الثاني:"إنَّ سرَّ الإنسان بالواقع لا ينجلي حقًّا إلاَّ في سرِّ الكلمة المتجسّد." ويُضيف البابا في رسالته أنَّ حريَّة الإنسان إذا كانت على صورة إرادة الله، لا تتعطَّل بطاعتها للشريعة الإلهيَّة، بل إنَّها بهذه الطاعة وحدها تبقى في الحقيقة، متجاوبة مع كرامة الإنسان.

وفي الخامس والعشرين من شهر آذار مارس من عام 95، صدرت رسالة البابا العامَّة "إنجيل الحياة" في قيمة الحياة البشريَّة وحصانتها. وكتب قداسته أنَّ الإنسان هو للكنيسة دربُها الوحيد وطريقها الأساسي وتحدَّث عن الأخطار الجديدة المتربِّصة بالحياة البشريَّة وندَّد بالإجهاض والقتل والموت الرحيم...

فالحياة، يقول الأب الأقدس، لا سيَّما الحياة البشريَّة، هي ملك الله وحده، ولذا فكلّ من يتعدَّى على حياة الإنسان فكأنَّه يتعدَّى على الله نفسه... وعندما يفقد الإنسان معنى الله، فهو يجنح إلى فقدان معنى الإنسان أيضًا وكرامته وحياته. حياة الإنسان من عند الله، هي عطيَّته وصورته، والله هو إذن وحده سيّد الحياة، ولا يسوغ للإنسان أن يتصرَّف بها...

وأعلن البابا في رسالته أنَّ الإجهاض جرم شنيع بصفته قتلاً متعمِّدًا لكائن بشري بريء وأنَّ الموت الرحيم إنما هو انتهاك خطير لشريعة الله ومظهر من أرهب مظاهر حضارة الموت وضرب من الشفقة الزائفة، لأنَّ الرحمة الحقيقية تقوم على التضامن مع عذاب الغير ولكنَّها لا تُميت من لا نقوى على تحمّل عذابه. هذا الطريق ليس هو طريق المحبَّة الحقيقيَّة والشفقة الحقيقيَّة الذي تتلمَّسه طبيعتنا البشريَّة المشتركة والذي يُنيره إيماننا بالمسيح الفادي الذي مات وقام بأنوار جديدة...

ويضيف البابا يقول: يقين الخلود المرتقب ورجاء القيامة الموعودة يُلقيان على سرِّ العذاب والموت ضوءًا جديدًا ويضعان في قلب المؤمن قوّة خارقة تمكِّنه من الإستسلام لإرادة الله.  ويصبح العذاب خيرًا إذا احتملناه عن حبٍّ وبحبٍّ، مشاركةً في عذاب المسيح المصلوب نفسه، وذلك بعطيَّة من الله واختيار شخصيٍّ حر. هكذا من يحتمل عذابه في الربّ يزيد تشبهًا به ويشترك اشتراكًا حميمًا في عمله الفدائي في سبيل الكنيسة والبشريَّة...

أن نحيا للرب مفاده أن نعترف أيضًا بأنَّ العذاب، وإن ظلَّ في ذاته شرًا ومحنة يمكن أن يُصبح دائمًا مصدر خير. وفي الدفاع عن الحياة يقول البابا في رسالته العامة "إنجيل الحياة":الخدمة التي نحن مدعوون إلى تأديتها للغير، هي خدمة محبَّة تدفعنا إلى أن نعمل دومًا على حماية حياة القريب وترقيتها، ولاسيَّما حياة الضعيف والمهدّد. عينا أن نعمل على تنميتها فنجعل من احترام الحياة البشريَّة بلا قيد ولا شرط، ركيزة مجتمع متجدّد. إنَّ ما يُطلب منّا هو أن نعامِل بالمحبَّة والإكرام حياة كل إنسان، ونحن في زمن تسوده أمارات الموت، إلى أن تبدأ أخيرًا حضارة جديدة، حضارة حياة تنبع من الحقيقة والمحبَّة.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.