2005-04-03 16:04:22

قدّاس الكردينال أنجلو سودانو عن راحة نفس البابا في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان


   عشرات الآلاف من المؤمنين والحجاج أمّوا ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان وعلى رأسهم كبار الرسميّين في الدولة الإيطاليّة، للمشاركة في القداس الإلهي عن راحة نفس قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني الذي رئسه نيافة الكردينال أنجلو سودانو عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر الأحد وعاونه فيه لفيف من الكرادلة ورؤساء الأساقفة والأساقفة والكهنة.

   بعد تلاوة الإنجيل المقدّس ألقى الكردينال سودانو عظة:"لقد عبر عتبة الرّجاء"، وجاء فيها:

   "إنّ نشيد الهللويا يتردّد اليوم أكثر من أي وقت مضى. إنّه أحد الفصح، إنّه أحد "الحواريّين" وعيد المتّشحين بلباس المعموديّة الناصع البياض. إنّه أحد الرّحمة الإلهيّة...

   بالحقيقة إنّ قلوبنا مضطربة لحدث أليم: أبونا وراعينا يوحنّا بولس الثّاني قد تركنا. ولكنّه طوال ست وعشرين سنة لم يكفّ عن دعوتنا بالنظر ليسوع المسيح رجائنا الأوحد.

   طوال ست وعشرين سنة، حمل إلى ساحات العالم إنجيل الرجاء المسيحي، معلّماً الجميع بأنّ موتنا ليس إلاّ عبوراً إلى الوطن السّماوي حيث ينتظرنا الله أبونا في الأبديّة".

   وأضاف الكردينال سودانو في عظته يقول:"إنّ ألم المسيحي يتحوّل على الفور إلى سكينة عميقة، ويتأتّى ذلك عن الإيمان بمن قال لنا:"أنا القيامة والحياة. من يؤمن بي وإن مات فسيحيا إلى الأبد.

   بالطبع، إن عاطفتنا حيال أعزاء فقدانهم لا تحول دون ذرف دموع الألم عليهم في لحظة الفراق، ولكن نداء القديس بولس الرّسول إلى مسيحيي تاسالونيكي "بأن لا يحزنوا كسائر الناس الذين لا رجاء لهم"،  يتردّد صداه في أذني كل مؤمن منّا.

   يدعونا الإيمان إخوتي الأحباء، أضاف الكردينال سودانو، إلى رفع رؤوسنا والنظر إلى البعيد، إلى فوق! واليوم وبينما نبكي رحيل البابا عنّا، نفتح قلوبنا إلى مصير حياتنا الأبدية.

   في صلوات الذبيحة الإلهية من أجل الموتى هناك عبارات رائعة في بداية الصلوات تقول:"الحياة لم تُنزَع منا، إنما تحوّلت، وبينما يتحطّم المسكن الأرضي يُبنى في الآن نفسه المسكن السماوي!

   هكذا يُمكننا أن نفسر فرح المسيحي في كلّ لحظة من حياته.

   فالإنسان يُدرك، بكونه خاطئ، أن بجانبه تقطن رحمة الله الآب الذي ينتظره. وهذا هو معنى عيد الرّحمة الإلهية اليوم الذي أسسه البابا يوحنا بولس الثاني نفسه للتأكيد على هذا الوجه المعزّي في السرّ المسيحي.

   ثمّ ذكّر الكردينال سودانو برسالة البابا الرّسولية في الرّحمة الإلهيّة التي أهداها لنا في عام 1980 أي في السنة الثالثة لحبريّته، ودعانا فيها للنظر إلى الله أب كلّ رحمة الذي يعزينا آن الصّعاب، وللنظر إلى مريم العذراء أم المراحم التي صنع بها الله العجائب وسكب من خلالها رحمته على اللّذين يتقّونه من جيل إلى جيل.

   لقد كان هو نفسه من دعا الكنيسة اليوم لتكون "بيت الرّحمة" وتستقبل كلّ محتاج للمحبّة والغفران. لقد كرّر يوحنّا بولس الثاني مراراً عديدة في السنوات الست والعشرين الماضية بأنّ العلاقات المتبادلة بين الناس والشعوب لا يُمكن أن ترتكز فقط على العدالة لأنّ العدالة أحياناً عمياء، إنما يجب جعلها أكثر كمالاً بالحبّ الرّحيم، ميزة الرسالة المسيحيّة.

   يوحنّا بولس الثاني، لا بل يوحنّا بولس الكبير، أضاف الكردينال سودانو صار بصوته مرتّل حضارة المحبّة إحدى أجمل تعابير الحضارة المسيحيّة. نعم إنّ الحضارة المسيحيّة هي حضارة المحبّة، خلافاً لحضارتَي الحقد المتجسّدتَين بالنازيّة والشيوعيّة.

... من أعالي السماء سيسهر علينا دائماً ويساعدنا على "عبور عتبة الرجاء" التي حدّثنا عنها كثيراً.

   رسالته هذه ستبقى على الدوام مطبوعة في قلوب إناس عصرنا. وللجميع يُكرّر يوحنّا بولس الثّاني كلمات المسيح القائل:"إنّ الله لم يرسل ابنه إلى العالم ليحكم على العالم بل ليُخلّص به العالم".

   لقد نشر يوحنّا بولس الثّاني في العالم إنجيل الخلاص داعياً الكنيسة بأسرها للانحناء بعطف على إنسان اليوم وضمّه وتعزيته بحبّ خلاصي. واجبنا قبول رسالة من تركنا وجعلها تثمر لخلاص العالم.

   وختم الكردينال أنجلو سودانو عظته في القداس الذي رئسه في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان لراحة نفس البابا يوحنّا بولس الثّاني يقول:"إلى الأب الذي لن ننساه أبداً نقول مردّدين كلمات الليتورجيّة القائلة:"لترافقك الملائكة إلى الفردوس!" ولتلاقيك أجواق الفرح بأناشيدها وترفقك إلى المدينة المقدّسة، أورشليم السماويّة، حيث مقرّ راحتكَ الأبدي". آمين.

 

في ختام الاحتفال بالقداس الإلهي أجرت إذاعتنا مقابلة مع اثنين من المؤمنين اللبنانيين الموجودين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان.RealAudioMP3








All the contents on this site are copyrighted ©.