2005-02-21 16:11:59

تقديم رسالة البابا الرسوليّة حول وسائل الإتصالات الإجتماعيَّة "التطور السريع"

تشكِّل وسيلة قويَّة إذا وُضعت في خدمة التفاهم بين الشعوب و"سلاحًا" مدمِّرًا إذا استخدمت لتغذية الظلم والنزاعات


تمَّ صباح اليوم في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي تقديم رسالة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الرسوليَّة حول وسائل الإتصالات الاجتماعيَّة بعنوان "التطوّر السريع" وذلك خلال مؤتمر صحفيّ شارك فيه المطران جون باتريك فولي، رئيس المجلس البابوي للاتصالات الاجتماعية وأمين سرّ المجلس المطران ريناتو بوكّاردو، ونائب أمين السرّ الدكتور أنجيلو شيلزو.

كتب الأب الأقدس في رسالته يقول إنَّ تطور التكنولوجيات السريع في حقل الإعلام علامة من علامات تقدّم المجتمع المعاصر. ويبان ذلك أيضًا بالعودة إلى مرسوم المجمع الفاتيكاني الثاني حول وسائل الإعلام الإجتماعيَّة: "فمن بين الإكتشافات التقنيَّة العظيمة التي استلتها عبقريَّة الإنسان من الخلق، بعضد من الله، ولا سيَّما في عصرنا، تتقبَّل الكنيسة وتتابع باهتمام أمومي فريد تلك التي تتعلَّق مباشرة بقوَّة الإنسان الروحيَّة، وتفتح سبلا واسعة لنقلٍ سهل جدًّا للأخبار من كل نوع وللأفكار والتوجيهات."

فبعد مضيِّ أربعين عامًا على نشر هذا المرسوم، من قبل سلفي السعيد الذكر البابا بولس السادس، تبان أهميَّة العودة للتفكير بالتحديَّات التي تشكِّلها وسائل الإتصالات الإجتماعيَّة للكنيسة. فالكنيسة ليست مدعوَّة لإستخدام وسائل الإعلام لنشر الإنجيل فقط، إنَّما اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى، لدمج رسالة الخلاص في الثقافة الجديدة التي تؤسِّسها وسائل الإعلام وتوسّعها. وهي تشير إلى أنَّ استخدام تقنيات وتكنولوجيات وسائل الإعلام المعاصرة جزء لا يتجزأ من رسالتها الخاصَّة في الألف الثالث. والجماعة المسيحيَّة حقَّقت خطوات هامَّة في استخدام هذه الوسائل للإعلام الديني والبشارة وتنشئة العاملين الراعويين في هذا الحقل.

وذكَّر البابا في رسالته بأنَّ عالم وسائل الإعلام هو الأريوباغوس الأوَّل في الأزمنة المعاصرة، وقد أضحت لكثيرين وسيلة الوحي الأساسيَّة للتصرفات الفرديَّة والعائليَّة والإجتماعيَّة. وأكَّد قداسته أنَّ وسائل الإعلام قادرة لا بل عليها تنمية العدالة والتضامن ونقل الأحداث بطريقة مُتقنة وصادقة وإعطاء صوت لآراء متعدِّدة. إنَّ عالم الإعلام بحاجة أيضًا إلى عمل فداء المسيح، ولتحليل قمية وسائل الإعلام بعين الإيمان، تقدِّم الكتب المقدَّسة مساعدة قيّمة، لكونها تمثِّل دليلاً كبيرًا في نشر رسالة أساسيَّة لقيمتها الخلاصيَّة. ووسائل الإتصالات الإجتماعيَّة تعمّق الأبعاد الرئيسة للكنيسة المدعوَّة إلى إعلان رسالة الخلاص للجميع، وهي قادرة على إظهار الطابع الشامل لشعب الله من خلال تنمية التعاون والمعرفة المتبادلة.

وشكر الحبر الأعظم الله على وجود وسائل الإتصالات الإجتماعيَّة وقال: إذا استخدمها المؤمنون بإيمان ووداعة على ضوء إلهامات الروح القدس، فهي قادرة على تسهيل نشر الإنجيل وجعل علاقات الشركة بين الجماعات الكنسيَّة أكثر فعاليَّة.

وجاء في رسالة قداسة البابا أنَّ الكنيسة تجد في وسائل الإعلام الإجتماعيَّة سندًا ثمينًا لنشر الإنجيل والقيَم الدينيَّة ولتنمية الحوار والتعاون المسكوني وما بين الأديان، والدفاع عن المبادئ الأساسيَّة لبناء مجتمع يحترم كرامة الكائن البشري ويهتمّ بالخير المشترك. والظاهرة الحاليَّة لوسائل الإتصالات الإجتماعيَّة تحثُّ الكنيسة على نوع من المراجعة الراعويَّة والثقافيَّة، كيما تواجه بطريقة ملائمة المرحلة التي نعيشها. والتطور الإيجابي لوسائل الإعلام في خدمة الخير المشترك مسؤوليَّة الجميع ومسؤوليَّة كل فرد، ولوجود علاقات قويَّة بين الإعلام والإقتصاد والسياسة والثقافة، لا بدَّ من نظام يكون أهلاً لحماية مركزيَّة وكرامة الكائن البشري، وأوَّليّة العائلة، الخليَّة الأساسيَّة للمجتمع.

وتحدَّث الأب الأقدس عن أهميَّة التنشئة كيما يتمَّ استخدام وسائل الإعلام بطريقة مسؤولة وملائمة، لتكون في خدمة الأشخاص ولا يتمّ تسييس استعمالها.وتطرَّق قداسته أيضًا إلى أهميَّة تنمية ثقافة مشاركة في المسؤوليَّة، وشدَّد على قوَّة وسائل الإعلام في تعزيز الحوار، لتصبح سبلا للمعرفة المتبادلة والتضامن والسلام. فهي تشكِّل وسيلة قويَّة إذا ما وُضعت في خدمة التفاهم بين الشعوب؛ و"سلاحًا" مدمِّرًا إذا استُخدمت لتغذية الظلم والنزاعات.

والتحدِّي الأكبر أمام المؤمنين والأشخاص ذوي الإرادة الحسنة في زمننا الحاضر دعم إعلام صادق وحرّ، يساهم في تعزيز التقدّم الكامل للعالم. والرسول بولس يوجِّه رسالة واضحة لجميع الملتزمين في حقل الإتصالات الإجتماعيَّة والسياسيين والمشاهدين:"كُفّوا عن الكذب وليَصدُقْ كلٌّ منكم قريبَه، فإنَّنا أعضاء بعضنا لبعض... لا تخرُجَنَّ من أفواهكم أيَّة كلمة سوء، بل كلُّ كلمة صالحة تُفيد البنيان عند الحاجة وتكون خيرًا للسامعين."

وفي ختام رسالته الرسولية حول وسائل الإتصالات الإجتماعيَّة بعنوان "التطور السريع"، دعا قداسة البابا جميع العاملين في حقل الإعلام، سيَّما المؤمنين، إلى عدم الخوف! عدم الخوف من التكنولوجيَّات الجديدة لكونها من بين الأشياء العظيمة التي وضعها الربّ في تصرّفنا؛ وعدم الخوف من معارضة العالم لأنَّ يسوع أكَّد لنا أنَّه غلبَ العالم؛ وعدم الخوف من ضعفنا لأنَّ المعلّم الإلهي قال لنا:"أنا معكم طوال الأيَّام إلى انقضاء الدهر."

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.