2005-02-12 16:06:01

إنجيل الأحد... وقفة تأمل حول كلمة الحياة


"ثمَّ سار الروحُ بيسوعَ إلى البريَّةِ ليجرِّبَهُ إبليس. فصامَ أربعينَ يومًا وأربعينَ ليلةً حتَّى جاع. فدنا منهُ المجرِّبُ وقال له:"إنْ كنتَ ابنَ الله، فقُلْ لهذه الحجارة تَصِرْ أرغفة." فأجابَه:"مكتوبٌ ليسَ بالخبز وحدَهُ يحيا الإنسان بل بكلِّ كلمةٍ تخرجُ من فمِ الله." فمضى به إبليس إلى المدينةِ المقدَّسة وأقامَهُ على شرفةِ الهيكل، وقال له:"إنْ كنتَ ابن الله فألقِ بنفسِكَ إلى الأسفل، إنَّهُ مكتوبٌ :" يوصي ملائكتَهُ بك فيحملونَكَ على أيديهم لئلاَّ تصدِمَ رجلَكَ بحجر." فقال له يسوع:"مكتوبٌ أيضًا لا تجرِّبنَ اللهَ ربَّكَ." ثمَّ مضى به إبليس إلى جبلٍ عالٍ جدًّا وعرَضَ عليه جميعَ ممالِكِ الدنيا ومجدَها، وقال له:"أُعطيكَ هذا كلَّهُ إنْ خررْتَ لي ساجدًا." فقال له يسوع:"إليكَ عنِّي، يا شيطان! فإنَّهُ مكتوبٌ:للهِ ربِّكَ تسجدُ وإيَّاهُ وحدَهُ تعبد." فتركَهُ إبليس...

(متى 4،1- 11)RealAudioMP3

 

التأمل

 

في رواية إنجيل التجارب، يلخِّص لنا القدِّيس متَّى بطريقة رمزية جميع المشاكل والمصاعب التي سيلاقيها يسوع طوال مهمَّته البشريَّة على أرضنا. يواجه يسوع رسالته ولا يدع التجربة تنتصر عليه، يواجهها بطاعة كاملة إلى أبيه السماوي وبتصرّف الإنسان البسيط. فيسوع لم يستغلّ سلطانه كابن لله، وهو سلطان تجلَّى في العجائب التي اجترحها ليس من أجل إرغام الآخرين على اتباعه كما ولم يستغلَّه من أجل الدفاع عن نفسه. عجائبه لم تكن سوى فعلِ حبٍّ تجاه البشر وبمثالهِ يجب أن يحتذي كلُّ إنسان. إنَّ التجارب الثلاث التي نقلها لنا متَّى في إنجيليه تبيِّن سموّ الله وسلطانه المطلق في حياة المؤمن، ولكيما ننتصر على التجارب ونعطي الله مكانه الأوَّل في حياتنا علينا السير صعودًا، لأنَّ الحصول على ما هو ثمين يستوجب التضحية والإلتزام الصامت في خدمة كنيسة الفقراء والإصغاء لكلمة الله والصلاة. ولكنَّنا كيسوع، سنتعرَّض لتجارب الشيطان الساعي دائمًا لبلبلة حياتنا وأفكارنا لإبعادنا عن سبيل الخلاص.

إنَّ يسوع وبعد اعتماده في ماء الأردن من يد يوحنا، قاده الروح القدس إلى البريَّة ليجرِّبه إبليس، قاده طوعًا وليس رغمًا عنه. كلّ خطوة عند الله تحمل معناها. فكما جرَّب الشيطان آدم بشهوة المأكل فأوقعه في شراك الخطيئة كذلك حاول تجربة يسوع الجائع إلى الطعام. لقد انتصر على الأوَّل لكنَّه انكسر أمام الثاني. وكما جرَّب آدم وحواء بالمجد الباطل وبلوغ الألوهة فأفلح، كذلك سعى لإيقاع يسوع في كبرياء الألوهة فأخفق. لقد أراد يسوع أن ينتصر على التجارب بالتواضع وسلطان الكتب المقدَّسة وليس بعجائب سلطانه الإلهي. إراد الإنتصار على الشرير كإنسان وليس كإله ليعظِّم طبيعه الإنسان ويُظهر أنَّها قادرة هي أيضًا على التغلّب على التجارب حتَّى وإنْ بلغت الصليب على مثال يسوع المسيح، فهي ستقوم على مثاله منتصرة على الخطيئة لتنال خلاصها الأبدي.

 

 

 

 

 

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.