2005-02-08 16:22:02

صدور رسالة بطريرك القدس للاتين ميشال صباح لصيام عام 2005


"توبوا، قد اقتربَ ملكوتُ السَّماوات."بهذه الآية من إنجيل القديس متى استهلَّ بطريرك القدس للاتين ميشال صبَّاح رسالة الصيام لعام 2005. كتب غبطته يقول:"الصيام ترويض للجسد والإرادة، غايته تحرير الإنسان من كلِّ قيد أو عبوديَّة. ونعرف في هذا المجال تجربة القديس بولس:"إنِّي أعلمُ انَّ الصَّلاحَ لا يسكنُ فيَّ، أي في جسدي، فالرغبةُ في الخيرِ هي باستطاعتي، وأمَّا فعلُهُ فلا. لأنَّ الخيرَ الذي أريدهُ لا أفعلُهُ، والشرَّ الذي لا أُريدهُ أيَّاهُ أفعل... وإنِّي أَطيبُ نفسًا بشريعةِ الله من حيثُ إنِّي إنسانٌ باطنٌ، ولكنَّني أشعرُ في أعضائي بشريعةٍ أخرى تحاربُ شريعةَ عقلي وتجعلُني أسيرًا لشريعةِ الخطيئة، تلكَ الشريعة التي هي في أعضائي. ما أشقاني من إنسان! فمن يُنقذُني من هذا الجسد الذي مصيرهُ الموت؟ ويجيبُه الربّ:"تكفيك نعمتي." وهو جواب لنا أيضًا. فبالصيام، وبنعمة الله التي لا تخذلنا أبدًا، نريد أن نكون أناسًا أحرارًا قادرين على العيش بحسب الروح، وعلى عمل الخير الذي نريده.

الصيام والصدقة متلازمان. الصيام لترويض النفس والجسد ولتجديد طاقة الخير فيهما، والصدقة هي انعكاس طاقات الخير فينا إلى الخارج في تعاملنا مع القريب الذي نحبّه لأنَّنا نرى صورة الله فيه. فالصدقة هي مشاركة مع كلّ إنسان، لا سيَّما المحروم أو المخذول أو المتألم، في مجتمعنا وفي العالم. 

صيامنا في هذه الأيام، كتب البطريرك صبّاح، يضعنا في شركة أمام الله مع ضحايا الزلازل التي ضربت القارتين الأسيوية والإفريقية ومع ضحايا الأمراض المستعصية والمتفشّية. مشاركة مع ضحايا ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، باسم المصلحة القومية أو باسم العنف الذي يراه البعض بمثابة الطريق الوحيد إلى السَّلام، ومشاركة مع كلِّ مقاومة لكلِّ ظلم ولكلِّ احتلال كمثل الإحتلال الحاصل في أرضنا المقدَّسة والذي يدنّس ويدمّر الإنسان الفلسطيني بحرمانه حريَّته والإنسان الإسرائيلي بحرمانه أمنَه وطاقات الخير فيه.

ظهر في هذه الأيام في حايتنا اليوميَّة في الأرض المقدَّسة ـ حياة الصراع والإحتلال ـ رؤًى جديدة، فيها تعقّل وسير نحو العدل. وهناك اهتمام جديد من قبل الأسرة الدوليَّة. وإنَّنا نشكر الله على ذلك، ونسأله أن يؤيّد المسؤولين في رؤاهم الجديدة. والمطلوب صيام وتوبة في السياسة أيضًا، صيامٌ هو تجرّد أصحاب السلطة من رؤى ومنافع ذاتيَّة، صيامٌ يمكّن القادة من أن يعلموا ويروا أنَّهم منتَدبون ليخدموا الناس، صيام يمكّنهم من أن يروا ويعلموا أنَّ جميع الناس، في جميع الشعوب، متساوون، خلقهم الله جميعًا وأحبَّهم وما زال يرعاهم بعنايته ويحبّهم.ومن ثمَّ لا ينقسم الناس قسمَين، الأخيار والأشرار، والأقوياء والضعفاء. بل الجميع كريم بكرامة متساوية منه تعالى، والجميع مدعوّ إلى الحريَّة نفسها وإلى الأمن والطمأنينة نفسها.

وختم بطريرك القدس للاتين ميشال صباح رسالة الصيام لعام 2005 بالقول: ليكن صيامنا توبة لتقديس أنفسنا وتنقيتها، فنكون من "الأنقياء القلوب الذين يشاهدون الله"، يشاهدونه في كلِّ أخ وأخت لهم، متجاوزين جميع الحواجز الدينيَّة والقوميَّة والجغرافيَّة، وإذاك سوف نعرف أن نصلّي مع جميع إخوتنا وأخواتنا في العالم الصلاة التي علّمنا إياها ربّنا يسوع المسيح:"أبانا الذي في السَّماوات، ليأتِ ملكوتُك ولْتَكُنْ مشيئتُك."


 








All the contents on this site are copyrighted ©.