2005-01-27 17:00:41

صدور رسالة قداسة البابا بمناسبة زمن الصوم الكبير:"إنّ بالرّب حياتك وطول أيامكَ"


   جرى قبل ظهر الخميس الجاري في الفاتيكان تقديم رسالة قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني بمناسبة زمن الصوم الكبير، ذلك أثناء مؤتمر صحفي رئسه سيادة المطران بول جوزف كورديس رئيس المجلس البابوي "قلب واحد" وعاونه فيه سيادة المطران البلجيكي أندريه موتيان الخبير في الشؤون المتعلّقة بممارسات الموت الرّحيم لكون رسالة الصوم لهذا العام تتحدّث عن الموت الرّحيم ومضاعفاته على الأشخاص الضعفاء والمسنّين في المجتمع.

   رسالة الصوم لهذا العام إذاً تلفت انتباه الكنيسة والمجتمع إلى قضية المُسنّين وتمنحنا دفعاً لعدم إهمال حكمة وخبرة كبار السنّ القادرين على تنوير خطانا في طريق التطوّر. وقد أكّد البابا فيها أن "التقدّم في السنّ" بالنسبة للأشخاص ومن يرافقونهم، يُمكن أن يتحوّل إلى فرصة ثمينة لبلوغ فهم أفضل لسرّ الصّليب الذي يُعطي معنى للوجود الإنساني. فتبادل الغنى بين مختلف الأجيال يرقى بالإنسان لتحقيق أسمى أهدافه.

   رسالة البابا لهذا العام تحمل عنوان:"إنّ بالرّب حياتك وطول أيامكَ"، وتتميّز باقتضابها وتطال واقع الحياة اليوميّة بمختلف وجوهه. "ففي مجتمعنا الحالي، جاء في الرسالة، وبفضل مساهمة العلم والطب، نشهد إطالة في حياة الإنسان وتنامياً في عدد المُسنّين". وبدل أن يكون هذا النمو إيجابيا طبعته سلبيّة باتت تُقلق الحياة العامّة: نموّ عدد المُسنّين وتراجع عدد الولادات. نسبة قليلة من الأجيال الشابة عليها حمل شريحة كبيرة من المُسنين على أكتافها. ومع هذا التنامي العددي تتزايد أيضاً المخاطر المحدقة بالمسنين، لهذا يُنبّه البابا في رسالته إلى أن هذا المصير سنؤول إليه جميعاً وأنّ اعتبار الشباب الخاطئ للمُسنين بأنهم عبء نفسي ومادي يجرح مشاعرهم ويُذكّرهم بمستقبلهم، يقودهم للتخلّص منهم من خلال سجنهم داخل جدران أربعة أو توفير موت هادئ ورحيم لهم...ولهذا الغرض تنشط منظّمات تشجّع على "الموت الكريم"، حسب ادّعائها، كما أن عالم العلم يوفّر أساليب محسوسة لهذا الغرض الإجرامي، ووسائل الأعلام تروّج مشاعر الرفض لهذه الشريحة من المجتمع، والسياسيّين يسعون لبناء ثقافة جديدة، هي وللأسف ثقافة الموت.

   إن حياة الإنسان، كتب البابا في رسالته، هي عطيّة ثمينة علينا أن نُحبّها وندافع عنها في كلّ مراحلها. فوصيّة "لا تقتل" تطالبنا باحترامها وتنميتها على الدوام، منذ اللحظة الأولى لوجودها حتّى أفولها الطبيعي. هذه وصية قائمة أيضاً مع المرض وانهيار القوّة التي تفقد المرء مقدرته على الاستقلاليّة. فإن قبلنا الشيخوخة بكل محدوديّتها بهدوء وفي ضوء الإيمان، تُصبح مناسبة ثمينة لفهم سرّ الصّليب".

   ويُضيف البابا في رسالته:"يجب أن ينمو الحسّ لدى الرأي العام بأنّ المسنّين يُشكّلون طاقة تستوجب التقدير، لذا من الواجب تقوية الدعم الاقتصادي لهم وتوفير تشريعات تمنع تهميشهم من حياة المجتمع..." إنّ حكمة وخبرة المُسنين تنير مسيرة التطوّر نحو بناء حضارة تُنشد الكمال من خلال تبادل الغنى بين مختلف أجيالها.

   إنّ زمن الصوم، جاء في ختام الرسالة، وبما يحمله من دعوة للارتداد والتضامن، يقودنا هذا العام للتركيز على هذه المواضيع التي تهمّ الجميع، ويدفعنا لمحاربة العقلية الاستهلاكيّة السائدة ومرافقة المُسنين بهدوء يجعلنا نفكّر بسرّ الموت بثقة أكبر لأنّ اللقاء النهائي مع الله يحصل في مناخ سلام داخلي. ثمّ سأل البابا العذراء مريم ووالديها الشيخَين القديسَين يواكيم وحنّة شفاعتهم لنكتشف في زمن الصوم أن المسيح المائت والقائم من الموت هو علّة وجودنا الأوحد.








All the contents on this site are copyrighted ©.