2004-12-24 17:10:21

خادم الله شارل دو فوكو قريباً إلى مجد المذابح طوباوياً


   صدّق قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني يوم الاثنَين الفائت مجموعة من المراسيم التي تُقرّ بعجائب تمّت بشفاعة عدد من الطوباويّين وخدام الله استعداداً لرفعهم إلى مجد المذابح. ومن بين أبطال القداسة هؤلاء برز وجه الأب شارل دو فوكو الذي سيرقّيه البابا قريباً إلى شرف الطوباويّين.

   وُلد رجل الله هذا في الخامس عشر من شهر أيلول سبتمبر من عام 1858 في مدينة ستراسبورغ الفرنسيّة، وتيتّم في سنّ السادسة من عمره. بعد حرب عام 1870 بين فرنسا وألمانيا انتقل الصّغير شارل ليعيش مع جدّه والد أبيه في مدينة نانسي حيث ترعرع في كنف عائلة مسيحيّة مُلتزِمة.

   في سنّ المراهقة فقد شارل إيمانه ليعود ويكتشفه وهو في الثمانية والعشرين من عمره. وبعد خمس سنوات من الحياة العسكريّة قدّم استقالته لخياره القيام برحلة استكشافيّة في المغرب العربي الذي كان مغلقاً آنذاك على الأوروبيّين. اختار حياة رهبنة الترابيست الصامتين وترك العالم بطريقة نهائيّة، وبعد اختبار تلقّن خلاله العلوم الفلسفيّة واللاهوتيّة طلب الإذن من رؤسائه عام 1897 بترك الرهبانيّة وحياة الصمت الديري للتوجه إلى الأرض المقدّسة حيث خلد مدّة ثلاث سنوات لحياة النّسك والتأمّل بالقرب من دير راهبات القديسة كلارا في مدينة النّاصرة.

   عام 1900 عاد شارل دو فوكو إلى فرنسا للاستعداد للسيامة الكهنوتيّة التي نالها في التاسع من حزيران /يونيو/ من عام 1901. بعد أيام قليلة من تلقيه درجة الكهنوت انطلق إلى الحدود المغربية حيث تكرّس لخدمة المدبّر الرّسولي على منطقة الصحراء الغربيّة. ولكنّ الأحداث المتسارعة غيّرت سبيله لتوصله إلى صحراء تامانراسيت حيث تعلّم اللغة المحليّة وعادات سكانها وتقاليدهم  بهدف إيصال كلمة الله إلى قلوبهم. اختبر هناك حياة الفقر الحقيقيّة، وتأثّر بصلاة المُسلمين لحد أنّ كتب لأحد أصدقائه يقول له:"إنّ نظرة هذا الإيمان وهذه النفوس العائشة على الدوام في حضور الله، جعلتني أُدرك أن هناك أشياء أكبر وأصدق من الهموم الدنيويّة. لذا انكبّيتُ على دراسة الإسلام ومعه الكتاب المقدّس". وتحديداً لهدفه من المكوث في الصحراء كتب في مكان آخر:"إن رسالتي هي رسالة الطيبة. أريد أن أكون طيّباً للغاية، حتّى يقول الناس:"إذا كان الخادم هكذا، فكيف السيّد؟". أراد أن يؤمّن حضور يسوع من خلال سرّ القربان في تلك الربوع، لم يُكمل حياة النسك التي عاشها في مدينة الناصرة بل اختار العيش خادماً للفقراء والعرج والبكم والصم والعميان الذين تحدّث عنهم يسوع المسيح في إنجيله.

   لقد ترك لنا شارل دو فوكو إرثاً روحيا مميّزاً يُمثّله اتحاد إخوة وأخوات قلب يسوع الأقدس. لقد التحق بهذه الجمعيّة عدد كبير من المؤمنين من علمانيّين ورهبان وإكيليريكيّين، وحتّى جماعات وأديار رهبانيّة. وهدف الاتحاد الصلاة من أجل تبشير شعوب أفريقيا بالإنجيل. مات قتلاً في الأوّل من كانون الأوّل ديسمبر عام 1916 على يد مجرمين دخلوا منزله لسرقته. أوصى بدفنه في مقابر غوليا بالجزائر.








All the contents on this site are copyrighted ©.