2004-12-16 17:19:46

نيّة الكنيسة الإرساليّة لشهر كانون الأوّل ديسمبر 2004


   تُصلّي الكنيسة في نيّتها الإرساليّة التي حدّدها قداسة البابا لشهر كانون الأوّل ديسمبر، من أجل أن يكون تجسّد يسوع المسيح مثالاً لكلّ المساعي الآيلة إلى زرع الإنجيل في مختلف الثقافات.

   إنّ البذرة الصّغيرة، التي هي كلمة الله، بنموّها في الأرض الطيّبة المرويّة بندى النّعمة الإلهيّة، تمتصّ المكوّنات الحيّاتيّة وتحوّلها لتصبح في النهاية ثمرة مباركة. بهذه الصورة تصف الكنيسة اللقاء بين كلمة الله والثقافات...إنّه انثقاف يطال الإنسان في مختلف نواحيه الشخصيّة، ثقافيّة كانت أم اقتصاديّة أم سياسيّة، ويمكّنه من عيش القداسة بالاتحاد التام مع الله الآب من خلال عمل الروح القدس. الإنثقاف، أي زرع كلمة الإنجيل في تربة جميع الثقافات، هو تجدّد يومي لتجسّد المسيح.

   إنّ تجسّد كلمة الله هو نقطة اللقاء بين ظهور ابن الله وتاريخ الخلاص. إنّه المثال الأكمل للانثقاف لكون الحقيقة المسيحيّة ليست فقط تجاوزيّة إنما هي كالخمير في العجين تنخرط في نسيج التاريخ الإنساني ويقبلها قلب كلّ إنسان. كلمة الله تلبس قيم الثقافات الصالحة فتترك فيها بصمات المسيحيّة التي لا تُمّحى...

   يسوع هو مبدأ وغاية بشارتنا السّعيدة بالإنجيل. إن تبشير الأمم بكلمة الله، يعني الانخراط في ثقافاتها والتجذُر في حياة من يُصغون لهذه الكلمة. إنّه زرع بذار الإنجيل في تربة جميع الثقافات لإغنائها وليس لإلغائها، لأنّ كلمة الله تجعلها أكثر كمالاً ورقيا.

   على كلّ ثقافة بلغتها كلمة الإنجيل أن تعكس بأمانة تامّة وجه يسوع المسيح الساكن بين الفقراء ذبيحة سامية تُغني عوزهم المادي والروحي. وكما يقول السّعيد الذكر البابا بولس السادس:"في وجه كلّ كائن بشري، وبنوع خاص الممتحن بالألم والدموع، يُمكننا مشاهدة وجه المسيح، ابن الإنسان".








All the contents on this site are copyrighted ©.