2004-11-13 17:05:37

إنجيل الأحد 14 تشرين الثاني 2004... وقفة تأمّل حول كلمة الحياة


   "وقال بعضهم إنّ الهيكل مزيّن بالحجارة الحسنة وتُحف النّذور، فقال يسوع:"ستأتي أيّام لن يُترك فيها ممّا تنظرون إليه حجر على حجر بل يُنقَض كلّه". فسألوه:"يا مُعلّم، متى يكون هذا، وما هي العلامة عندما يوشِكُ هذا أن يتمّ؟ فقال:"إيّاكم أن يُضلّكم أحد! فسوف يأتي كثير من الناس مُنتحلين اسمي فيقولون:"أنا هو! قد حان الوقت! فلا تتبعوهم. وإذا سمعتم بالحروب والفتن فلا ترتاعوا، فإنّه لا بدّ من حدوث ذلك في أوّل الأمر، ولكن لا تكون الآخرة حينذاك". ثمّ قال لهم:"ستقوم أمّة على أمّة، ومملكة على مملكة، وتحدث زلازل شديدة وأوبئة ومجاعات هنا وهناك... ويبسط الناس أيديَهم إليكم، ويضطهدونكم، ويُسلِمونَكم إلى المجامع والسّجون... من أجل اسمي. وهذا الأمر يُفضي بكم إلى الشهادة. فعليكم ألاّ تهتمّوا بتهيئة ما تحتجّون به. فسوف أوتيكم من الكلام البليغ والحكمة ما يعجزُ جميع خصومكم عن دفعة أو نقضه... وسوف يُبغضكم الناس من أجل اسمي. ولن تفقد شعرة من رؤوسكم. إنّكم بثباتكم تُنقذون أنفسكم". (لوقا:21/5-19).

 

التأملّ: RealAudioMP3

 

   النهاية كلمة تحمل معان كثيرة: نهاية مرض، نهاية مشكلة، وهنا تأخذ بعد السعادة والفرح، ونهاية اختبار جميل، نهاية حبّ ونهاية حياة، تأخذ على العكس طابع الخوف والمرارة والبكاء. نهاية الأشياء الزّمنية تولّد ألماً وكأنّ النهاية ذات وجه سلبي لا تحمل السّلام والطمأنينة.

   إنّ نهاية المستكبر والظالم، يقول الكتاب المقدّس العهد القديم، لا تترك له أثراً وذكرى، ولكن نهاية الصدّيق والمستقيم والحكيم والمتواضع، ستشهد سطوع شمس عدالة الله بعد الموت.

   وهذه النهاية متى ستحدث، متى سينتهي العالم؟ تساؤلات نطرحها كلّ يوم. ولمن كانوا يتأمّلون جمال هيكل أورشليم قال يسوع إنّه لن يبقى فيه حجر على حجر، فسألوه كيف ومتى يا مُعلّم؟. يسوع لم يجب مباشرة علماً منه بأنّ المعرفة التامّة لا تنفع الإنسان في هذا العالم. فمعرفة الإنسان لنهاية حياته تؤثّر على اتّزانه النّفسي والروحي. لذا حذّر يسوع الإنسان من الانجرار وراء من يدّعون امتلاك الحقيقة ومعرفة المُستقبل كالسّحرة والعرّافين الدجّالين. كما حذّر أيضاً ممّن يربطون نهاية العالم وتاريخه بحروب وثورات دمويّة مُحدّدة، فقال لنا:"لا تخافوا".

   على كلّ مسيحي قبل بلوغ النهاية اجتياز زمن الشهادة للمسيح على غرار الرّسل والتلاميذ، فيشهد الاضطهاد والسجن والقتل. إنّه زمن يختبر المسيحي فيه حضور الله المميّز في حياته. لا تُفقد شعرة من رؤوسكم قال يسوع لأنّ من فقد حياته من أجلي ومن أجل الإنجيل يربحها في الملكوت. يسوع إذاً يُعطينا معنى جديداً لكلمة "نهاية" من خلال نقلها من المستقبل إلى الحاضر. فعند المسيحي ترتبط النهاية بشهادته اليوميّة ومقدرته على عيش كلّ هنيهة من هنيهات وجوده في الحقيقة والعدالة والمحبّة والأمانة. إنّ خيار الموت عن العالم وتجاربه وملذّاته وعيش خيار الإنجيل، يحوّلنا إلى شهداء أحياء نصارع العالم كلّ يوم لننتصر بالمسيح.

   لنرفع أعيننا إلى السّماء غاية "نهايتنا" فندخل في ذلك الخلود حيث لا موت ولا حزن ولا بكاء. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.