2004-11-10 15:42:52

في مقابلة الأربعاء العامّة قداسة البابا يحدّث المؤمنين عن المزمور الحادي والستّين


   أجرى قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني قبل ظهر الأربعاء الجاري في قاعة بولس السادس في الفاتيكان، مقابلته العامّة المعتادة مع المؤمنين القادمين من بلدان عديدة من العالم.

   تابع الحبر الأعظم تعليمه الأسبوعي عن صلوات المساء في الكنيسة مُركّزاً على شرح المزمور الحادي والستّين الذي جاء فيه:"...إلى الله تسكنُ نفسي ومنه خلاصي. صخرتي هو وخلاصي. ملجأي فلا أتزعزَع...إلى الله اسكني يا نفسي فإنّ منه رجائي...".

   إنّ هذه الكلمات الجميلة المنسابة من المزمور الحادي والستّين، قال البابا في تعليمه، هي نشيد ثقة ودعاء يصلح ليكون برنامج حياة للمؤمن الذي يجد في الرّب سلامه فيعلن منشداً:"إلى الله تسكن نفسي ومنه خلاصي...".

   تعرض لنا آيات هذا المزمور نوعَين من الثقة، أي خيارَين جوهريَّين، الأوّل صالح والثاني سيئ، وكلا الخيارَين يستوجب التصرّف الأخلاقي الملائم له. الخيار الأوّل، هو الثقة بالله الذي يُسكن النفس من أتعابها وهمومها ويزرع فيها سلامه:"عند الله خلاصي ومجدي وفي الله صخرة عزّي ومُعتصمي".

   أمّا الخيار الثاني، فهو ثقة ظاهريّة، صنميّة، تبحث عن الأمان والاستقرار في العنف، والخطف والغنى... من هنا يُطلق صاحب المزامير نداءً واضحاً وصريحاً:"لا تتّكِلوا على الظلم ولا يستهويكُم الخطفُ، إذا وَفَرَت ثروتُكم فلا تُميلوا إليها قلوبَكُم!".

   وحدَّدت آيات المزمور الحادي والستّين لنا ثلاثة أصنام علينا التنبّه منها لأنها تناقض كرامة الإنسان والتعايش الاجتماعي:

   الصنم الأوّل هو إله كاذب يتجسّد بالعنف الذي لا تزال البشرية تعاني منه حتّى أيامنا هذه المُلطّخة بالدماء. هذا الصنم الفارغ ترافقه سلسلة الحروب، والقمع، والتعدّيات، والتعذيب والقتل المرتكبة بدون أي وخز في ضمير فاعليها.

   الصنم الثاني هو إله الخطف الذي يظهر في حب الجشع والسيطرة، وفي الظلم الاجتماعي، والرِّبى، والفساد السياسي والاقتصادي.

   الصنم الثالث هو الغنى الذي "يميل إليه قلب" الإنسان مُترجياً الخلاص من الموت، ولكنّه إذا مات لا يأخذُ شيئاً ولا ينزِلُ معه مجدُه إلى الجحيم...

   بسيره في خدمة هذه الآلهة الشيطانيّة الثلاثة، أضاف البابا في تعليمه، ينسى الإنسان أن الأصنام فارغة تؤذي ولا تُفيد. فاتّكال الإنسان على نفسه وأملاكه فقط يُنسيه أنّه "هباءٌ وباطلٌ... وأنّه إن وُضِع في الميزان لا يوازي نفخة واحدة.

   فلو كنا مدركين أكثر لخطيئتنا ومحدوديّتنا، أضاف البابا في تعليمه الأسبوعي، لما اخترنا سبيل الثقة بالأصنام، ولا نظّمنا حياتنا على وقع قيم باطلة وسريعة العطب، إنّما كنّا توجّهنا نحو الثقة الأولى التي تجد مركزها في الله مصدر الخلود والسّلام. فله وحده "العزّة والقوّة" وله "الرحمة وهو يَجزي الإنسان بحسب عملِه".

   وختم البابا تعليمه بتأمّل لأحد آباء الكنيسة هو القديس أمبروسيوس الذي قال في تعليقه على المزمور الحادي والستّين:"إنّ سيّدنا يسوع المسيح، وعندما لبس جسد الإنسان ليُطهّره سارع على الفور إلى محوِ تأثير شرّ الخطيئة الأصليّة ثمرة العصيان لأوامر الله... كما استعاد مفهوم الطاعة ليخمد به نار الخطيئة... امتلأ بالطاعة للآب ليملأنا بها نحن البشر".

   ثم وجّه البابا في الختام تحياته إلى المؤمنين والحجاج الحاضرين، بلغات عديدة، وطلب من الشبيبة والمرضى والأزواج الجدد أن يُقرّبوا لله كلّ مشروع صالح في حياتهم، بعدها منح الجميع بركته الرّسولية.

   من بين الكهنة والمؤمنين الذي التمسوا اليوم بركة قداسة البابا في المقابلة العامّة الأب اللّبناني فرنسوا نصر الذي عبّر لنا شعوره بالمناسبة يقول:RealAudioMP3

 








All the contents on this site are copyrighted ©.