2004-11-09 17:07:46

خمس عشرة سنة مضت على سقوط جدار برلين، رمز الحرب الباردة


       تصادف اليوم التاسع من تشرين الثاني نوفمبر الذكرى السنوية الخامسة عشرة لسقوط جدار برلين.  وكانت إحدى المجّلات الألمانية قد نشرت بالمناسبة نتائج استطلاع للرأي، بيّن أن مواطناً ألمانياً من أصل ثلاثة لا يعرف أن الجدار سقط في التاسع من تشرين الثاني نوفمبر 1989.  وطُرح على الأشخاص الذين استُطلع رأيهم السؤال التالي: هل تعرف ماذا حصل يوم التاسع من تشرين الثاني نوفمبر 1989؟  واتّضح أن ثلاثة وثلاثين بالمائة من المواطنين الألمان لا يعرفون أن في ذاك التاريخ سقط جدار برلين وتوحّدت ألمانيا.

       بعد مضيّ خمس عشرة سنة على سقوط الجدار، تم الحفاظ على بعض أجزائه التي تشهد على حجارة وأسلاك شائكة قسّمت العاصمة الألمانية إلى شطرَين، لمدة ثمانية وعشرين عاماً، وبالتحديد بين عامَي 1961 و1989.  كان الجدار، الذي أصبح رمزاً للحرب الباردة، مسؤولاً عن تشتّت العديد من العائلات الألمانية التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها منقسمة إلى شطرين تفصلهما ـ في بعض الأحيان ـ أمتار قليلة، بدت مسافات شاسعة تفصل بين عالمَين مختلفَين تماماً في أيديولوجياتهما، وما تحمل معها هذه الأيديولوجيات من اختلاف كبير في أوجه الحياة الاجتماعية، السياسية الثقافية والدينية.

       في الثاني والعشرين من كانون الأول ديسمبر من عام 1989، جرت إعادة افتتاح باب براندبورغ، رمز مدينة برلين، الذي شُيّد بين عامي 1788 و1791، ونجا من القصف الذي دمّر المدينة في نهاية الحرب العالمية الثانية.  وبعد إزالة جزء الجدار المحاذي لباب براندبورغ، بحضور المستشار الألماني آنذاك هيلموت كول، عادت برلين لتصبح مجدداً "مدينة واحدة". 

وفي المكان المعروف باسم "معبر تشارلي" الذي كان يشكّل نقطة  العبور الوحيدة بين شطرَي المدينة، بالنسبة للمواطنين الأجانب، أُقيم نصب تذكاري لـ"ضحايا الجدار".  وهو عبارة عن حائط طوله مائة وعشرون متراً، بُني من الحجارة التي كانت تؤلّف الجدار الشهير، ووُضعَ عليه ألف وخمسة وستون صليباً، وهو عدد الأشخاص الذين قضوا خلال محاولتهم اجتياز الجدار باتّجاه برلين الغربية.

       مما لا شكّ فيه أن سقوط جدار برلين، كان مؤشّراً للتبدلات الأيديولوجية والسياسية وحتى الجغرافية، التي سرعان ما بدأت تشهدها منطقة أوروبا الشرقية، لا سيما الدول التي كانت تدور في فلك الاتّحاد السوفييتي.  بلدان شأن ألمانيا الشرقية، رومانيا، بولندا، بلغاريا، أوكرانيا وغيرها من الدول وصولاً إلى موسكو، حيث ـ لخمس عشرة سنة خلت ـ شاءت شعوب ترزح تحت وطأة القمع والاضطهاد وأجيالٌ أبصرت النور وترعرعت في ظلّ أنظمة ديكتاتورية مستبدّة، (شاءت) أن ترفع صوتها في وجه التوتاليتارية الملحدة، وتطالب بحقّها في تنشّق هواء الحرية القادم من الغرب من فوق جدار برلين، الذي كان شاهداً على وفاة أكثر من ألف شخص قدّموا حياتهم ثمناً للحرية المنشودة: رجال ونساء فضّلوا الموت سعياً من أجل الحرية، عوضاً عن العيش في ظلمة القمع والاستبداد. 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.