2004-11-05 16:08:23

نيّة الكنيسة العامّة لشهر تشرين الثّاني نوفمبر 2004


   تُصلّي الكنيسة في نيّتها العامّة لشهر تشرين الثاني نوفمبر من أجل المسيحيّين والمسيحيّات، ليُجيبوا بسخاء على دعوة الله لهم بالسّير نحو القداسة في أماكن حياتهم، مُدركين دعوتهم الخاصّة في الكنيسة.

   لقد افتتح قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني الألف الثالث مؤكّداً "أنّ القداسة تبقى في طليعة أهداف العمل الراعوي. فالقداسة هي دعوة لكلّ مسيحي، والهدف الذي تنساق إليه جميع نشاطاته وأعماله، على ما يقول  القديس بولس الرّسول في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي:"إن ّمشيئة الله إنّما هي قداستُكم"... كلّ من يؤمن بالمسيح، لأيّ عمر أو طبقة انتمى، هو مدعوٌّ إلى عيش كمال الحياة المسيحيّة والمحبّة التامّة.

   إنّ دعوة المسيحي تتلخّص بعيش محبّة الله فوق كل شيء، ومحبّة القريب بعطاء لا حدود له. إنه عطاء الذّات، لأنّ الله يُحبّ المُعطي الفرحان...

   بنعمة الله وحدها نستطيع عيش دعوة المحبّة. النعمة والحريّة تتّحدان فتحملان الإنسان على تحقيق ذاته بكمال المحبّة. "إنّ مبادرة الله الحرّة تتطلّب جواباً حرّا من الإنسان، لأنّ الله خلق الإنسان على صورته ومنحه مع حريّته سلطان معرفته ومحبّته...

   بالسّير في المحبّة ونحوها بسخاء وحريّة وباستسلام لنعمة الله، نتقدّم جميعاً على دروب القداسة في الكنيسة التي تقود خطانا، كأمٍّ ومعلّمة، لمشاهدة وجه الله القدّوس. إنّ كلّ ما تقوم به الكنيسة هدفه تمجيد الله وقداسة المؤمنين. ففيها وسائل الخلاص كاملة، وفيها نكتسب القداسة بنعمة الله. الكنيسة سرّ الخلاص الشامل، والمكان الآمن حيث يقترب الإنسان من خالقه.

   إنّ النمو الروحي يحمل المؤمن إلى اتحاد أوثق بالمسيح، وهذا الاتّحاد يتمّ من خلال الأسرار المُقدّسة. الله يدعونا جميعاً لهذه الوحدة الحميمة معه، ولكن طريق الكمال تمرّ عبر الصّليب. ما من قداسة بدون تخلّي أو كفاح روحي، بدون إماتَةِ الشهوات التي تقود تدريجياً إلى العيش بسلامِ وفرحِ الطوباويّين. القداسة هي خيار، وكلّ خيار يتطلّب التخلّي المؤلم عمّا نملك، مادّةً كان أم روحاً. ففي بحثنا عن القداسة علينا التخلّي عن ذواتنا والسير على خُطى يسوع المسيح، على ما يقول القديس بولس الرّسول:"الذي لم يحسب مساواته لله غنيمة، بل أخلى ذاته آخذاً صورة العبد ليُشابه البشر في كلّ شيء، وأسلم ذاته طائعاً حتّى الموت، موت الصّليب..."

   علينا الصلاة مُتّحدين وطالبين من الله أن يكتشف كلّ مسيحي ومسيحيّة دعوتهم في الكنيسة، ويُجيبوا على نداء الله لهم بالسير في سُبل القداسة، فيصيروا حقيقة كما يريدهم يسوع، ملحاً للأرض ونوراً للعالم.








All the contents on this site are copyrighted ©.