2004-10-30 16:38:28

العاملون الإنسانيون في هاييتي يقولون إنّ الأمور بدأت تعودُ إلى طبيعتِها بعدَ ستة أسابيع على مرور إعصار جاين المدمّر


ثمَّ دخلَ يسوع أريحا وأخذَ يجتازُها. فإذا رجلٌ من رؤساءِ العشَّارينَ اسمُهُ زكَّا، وكانَ غنيًا، قد جاءَ طالبًا أن يرى من هو يسوع، فلم يستطعْ لكَثرةِ الزِّحامِ لأنَّهُ كانَ قصيرًا. فأسرعَ إلى جُمَّيزةٍ فصعدها ليراه، وكان لا بدَّ له من المرورِ بها. فلمَّا وصلَ يسوعُ إلى ذلكَ المكان، رفَعُ طرْفهُ وقال له:"يا زكَّا إنزلْ على عجَل، لأنِّي سأُقيمُ اليومَ في بيتك." فنزلَ على عجل وأضافَهُ مسرورا. فلمَّا رأوا ذلكَ قالوا كلُّّهم متذمِّرين :"دخلَ بيت رجلٍ خاطئٍ ليُقيمَ عنده!" فوقفَ زكَّا فقال:"سيِّدي، سأتصدَّقُ على الفقراء بنصفِ أموالي، وإذا كنتُ قد ظلمتُ أحدًا شيئا، أردُّه عليه أربعةَ أضعاف." فقال له يسوع:"اليوم نالَ الخلاصَ هذا البيت، فإنَّهُ هو أيضًا ابنُ إبراهيم. لأنَّ ابنَ الإنسانِ جاءَ ليبحثَ عن الهالِكِ فيخلِّصَه." (لوقا 19: 1 ـ 10)RealAudioMP3  

 

التأمّل للأب عبدو أنطون راهب ماروني مريمي

 

لا شك أنَّ قصة زكا العشار يمكن أن تَحدُثَ مع كلِّ إنسانٍ في هذه الحياة. فهي تلخِّص حياة الإنسان مع الله: في خطيئته وتوبته وخلاصه بأسطر قليلة نجمعها في خمس مراحل:

المرحلة الأولى: إنَّ زكا، وهو جابي ضرائب، أراد أن يرى يسوع. أراد أن يعرف مَنْ هو يسوع الذي يسمع عنه.

   إنّ اللقاء مع الله، من خلال شخص يسوع المسيح، يحتاج قبل كُلّ شيء إلى رغبة منَّا في التعرف إليه. فإذا لم يكن في قلبنا شوق لمعرفة سر الله، لا نأبه لوجوده ولا نهتمّ به. لذلك لا يجوز أن يعوقنا شيء عن التفتيش عنه والتقرُّب منه. إنَّ مهنة زكا كانت تمنعه حتى من لقاء أبناء ملَّته. بينما الله لا ينظر إلى ما نحن عليه بل إلى ماذا نتطلَّع ونريد.

   في المرحلة الثانية زكا، القصير القامة، راح يفتش عن وسيلة تساعده على رؤية يسوع. بما أنَّه عشار لن يساعده أحد على الدنو من يسوع، فما كان منه إلاَّ أن سعى بكل جهد عن وسيلة تقرّبه منه.

 إنّ قصر قامة زكا علامة مميزة فيه لا تساعده على رؤية يسوع. كم نعاني في حياتنا من استخفاف الآخرين بنا جراء حالة أو وضع ما نعيشه، فنشعر بعقدة نقص قد تدمر حياتنا، في الوقت الذي ينتظر الله منا أن نقدَّمها له لكي يجعلها مفيدة لنا. إذا أردنا الله نستطيع أن نفتش عنه بشتى الوسائل. هناك من يسعى إليه بالعلم والثقافة، آخرون بالزهد والتقشف وغيرهم بالخدمة والتضحية في سبيل الآخرين.

في المرحلة الثالثة: يسوع يلتفت إلى مبادرة زكا ويدعوه إلى النزول ويُعلِمُه أنَّه سوف يَحِلُّ عنده ضيفا.

   إنَّ كلَّ ما نفعله بقلب مفعم بالحب والشوق إلى الله لا يغيب عنه. إنَّ الله أتى إلينا، بتجسد ابنه يسوع، ويأتي إلينا في كل مرَّة نمدُّ له يدنا ونقدم له حبنا ونرفع إليه نظرنا. ما أجمل أن نلقى حظوة في عين الرب. إنَّ سعادة الإنسان تكمن في لحظات كهذه.

في المرحلة الرابعة زكا يتغيَّر ويَعِدُ يسوع بأنَّه سيعطي نصف ماله إلى الفقراء وإذا كان قد ظلم أحداً ما فإنَّه يطلب السماح.

   إن اللقاء مع يسوع يقودنا لتغيير ذهنيتنا ونمط حياتنا وإلاَّ فنحن لم نلقه قطّ. والتغيير نعيشه بالتوبة عن كل ما صدر عنا من أخطاء خصوصاً بحق الآخرين.

في المرحلة الخامسة والأخيرة قال يسوع لزكا: اليوم صار الخلاص لهذا البيت.

   إن لم يدخل المسيح قلبنا ويسكن فيه لن نحصل على الخلاص. ويسوع لا يقتحم قلبنا عنوة بل ينتظر منا أن نفتح البابا له.

   فلنستيقظ من سباتنا ونبادر إلى لقاء يسوع بكل ما لدينا من قدرات، وله وحده أن يباركنا ويغيِّر حياتنا فنخلص به.








All the contents on this site are copyrighted ©.