2004-10-29 15:36:40

البابا يتسلّم أوراق اعتماد سفير الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الجديد لدى الكرسي الرّسولي ويدعو إلى احترام الحوار بين الثقافات والحريّات الدينيّة


   تسلّم قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الجمعة الجاري في الفاتيكان، أوراق اعتماد سفير الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الجديد لدى الكرسي الرّسولي السيّد محمّد جواد فَريدزاده.

   وجّه البابا للسفير الجديد كلمة استهلّها بتحيّة رئيس الجمهوريّة الإيرانيّة السيّد محمّد خاتمي، ثمّ تحدّث عن أهميّة العلاقات الدبلوماسيّة القائمة بين إيران والكرسي الرّسولي منذ خمسين عاماً، وعن المؤتمر الذي انعقد بالمناسبة في جامعة الغريغوريانا الحبرية بروما بهدف تنمية المعرفة المتبادلة وتقوية الإرادة بالعمل معاً من أجل بناء ثقافة سلام.

   وتوقّف البابا عند ما قاله السفير الجديد في كلمته حول قلق بلاده حيال تراجع الأوضاع الدولية وتفاقم التهديدات المحدقة بالبشرية على مختلف الأصعدة. فلبلوغ نظام دولي مُتّزن، أضاف البابا، وبنوع خاص لمواجهة الإرهاب الهادف لفرض قوانينه، وسط إرادة حسنة ببناء مستقبل مشترك يؤمّن السلام للجميع، على الدول الاستفادة من وسائل ثابتة وفعّالة ومعترف بها من الجميع، كمُنظّمة الأمم المُتّحدة  والمنظّمات الدوليّة الأخرى. إن التحرّك من أجل السّلام، أضاف البابا، يتطلّب تحركاً جريئاً لمواجهة الإرهاب وبناء عالم يشعر فيه الجميع ببنوّتهم للإله الكلّي القدرة والرحمة.

   واعتبر البابا أن بناء السلام يتطلّب ثقة متبادلة وقبول الآخر كمُحاور لا كعنصر تهديد، واحترام المعاهدات والمواثيق المتعدّدة الأطراف والآيلة لخير البشرية كلِّها، كاحترام البيئة، والحد من التجارة بالسّلاح ومن انتشار الأسلحة النوويّة، وحماية الأطفال وحقوق الأقليّات. ثمّ أكد الحبر الأعظم أن الكرسي الرّسولي لن يوفّر جهداً لإقناع مسؤولي الدول برفض منطق العنف والقوّة وتغليب لغة الحوار كوسيلة وحيدة لحل الخلافات والصراعات بين الأمم والأفراد.

   وشدّد البابا في كلمته للسفير الإيراني الجديد لدى الكرسي الرّسولي على أهميّة الحوار بالنسبة للمسيحيّين مع الأناس ذوي الإرادة الحسنة، فهو يساهم في توطيد عرى التآخي والمحبّة المتبادلة ويسمح لكلّ مؤمن بالله أن ينشر قيم دينة الأساسيّة التي تضمن، على أساس الشرعة الطبيعيّة، كرامة كلّ كائن بشري وتُنظّم العلاقات بين الناس. فالمؤمنون الكاثوليك من جهتهم، أضاف قداسته، يهتمّون في كلّ مناسبة بالشهادة لثقافة حياة تحترم الإنسان منذ اللحظة الأولى للحبل به وحتّى موته الطبيعي، وتضمن الدفاع عن حقوقه وواجباته المقدّسة، كالحق بالتنعّم بالحريّة الدينيّة وحريّة الضمير.

   إنّ الكرسي الرّسولي، أضاف قداسته، يعوّل آمالاً كبيرة على السلطات الإيرانيّة للسماح للمؤمنين الكاثوليك الحاضرين في إيران، وغيرهم من المسيحيّين أيضاً، بممارسة ديانتهم بحريّة من خلال تشجيع الاعتراف بالشخصيات القانونيّة الكنسيّة وتسهيل عملها وسط المجتمع الإيراني. فبالحقيقة إن حريّة ممارسة الطقوس هي من وجوه الحريّة الدينيّة الواجب ضمانها بالتساوي لجميع المواطنين.

   ثمّ عبّر البابا عن سروره لانعقاد لقاء الحوار الإسلامي المسيحي في إيران، برعاية وتنظيم المجلس البابوي للحوار بين الأديان والسلطات الدينيّة الشيعيّة في إيران. ووصف المبادرة بأنها تساعد في تحسين العلاقات بين المؤمنين على أساس الاحترام والثقة المتبادلَين.

   ووجّه البابا في ختام كلمته لسفير الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الجديد لدى الكرسي الرّسولي السيّد محمّد جواد فَريدزاده، تحيّة إلى الجماعات الكاثوليكيّة المُقيمة في إيران التي تضمن مع إخوانها الأرثوذكس، استمرار الحضور المسيحي في بلاد فارس منذ عصور. وشجع هذه الجماعات على تعميق الحوار مع المسلمين وخصوصاً حول المسائل الاجتماعيّة المشتركة. وسأل البابا الله عزّ وجلّ أن يُفيض بركاته على السفير الجديد وعلى الشعب الإيراني بأسره.








All the contents on this site are copyrighted ©.