2004-10-18 15:18:05

الإفخارستيا نور وحياة الألف الجديد


   ترأس قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني عند الساعة الخامسة والنصف من مساء الأحد الماضي، في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، القدّاس الإلهي إيذاناً بافتتاح السّنة القربانيّة المُقدّسة.

   نُقِلَت وقائع الاحتفال بالصوت والصورة مباشرة عبر الأقمار الاصطناعيّة، إلى المشاركين في أعمال المؤتمر القرباني في مدينة غوادالاخارا بالمكسيك، وفي ختام الذبيحة الإلهيّة تُليَت على مسامع الجميع رسالة البابا الختاميّة لأعمال المؤتمر، والافتتاحيّة للسنة القربانيّة.

   استهلّ قداسته الرسالة بآية من إنجيل القديس متّى:"أنا معكم طول الأيام وحتّى مُنتهى الدهور" (متى:20،28).

   باجتماعنا حول القربان المُقدَّس، قال البابا، نختبر بطريقة مميّزة ما وعدنا به المسيح: بأنّه حاضرٌ معنا!... إنّ الاتصال التلفزيوني المباشر بين بازيليك القديس بطرس، قلب المسيحيّة، وغوادالاخارا، مركز المؤتمر القرباني، يُشكل جسراً يربط بين القارّات ويجعل من لقاء صلاتنا محطّة عالميّة يجتمع فيها مؤمنو العالم بأسره. إن محور اللقاء، أضاف البابا، هو يسوع نفسه، الحاضر حقيقة في القربان المقدّس بسرّ موته وقيامته الذي يجمع الأرض بالسماء وتلتقي فيه الشعوب والثقافات المختلفة بعضها ببعض، على ما جاء في رسالة بولس إلى أهل أفسس بأنّ المسيح:"سلامنا فقد جعل من الجماعَتَين جماعة واحدة".

   "الإفخارستيا نور وحياة الألف الجديد". هو عنوان المؤتمر القرباني الدولي الذي يدعونا، أضاف البابا في رسالته، إلى عدم أخذ السرّ الإفخارستي بعين الاعتبار منفصلاً عن مشاكل زماننا الحاضر.

   إنّه النور! النور الذي يحتاج إليه قلب الإنسان، المُثقَل بالخطيئة، والشارد في ضياع القلق والكلَل، والرازح تحت تجربة الألم بكلّ أشكاله. يحتاج عالمنا إلى النور في بحثه المُضني عن السّلام البعيدة آفاقه في بداية ألفيّة مُنهكة بذلّ العنف والإرهاب والحرب.

   الإفخارسيا نورٌ! يتجلّى في كلمة الله عبر البشارة، وفي الخبز والخمر اللّذَين تحوّلا إلى جسد ودم المسيح إله القيامة الذي يفتح القلوب والعقول للتعرّف إليه على غرار ما حدث لتلميذَي عمّاوس لحظة "كسر الخُبز". حول مائدة القربان نعيش مُجدّداً ذبيحة الصّليب، ونختبر محبّة الله اللامتناهية، ونشعر بدعوتنا لنشر نور المسيح وسط رجال ونساء زماننا.

   إنّه سرّ الحياة! أسمى ما يصبو إليه قلب إنسان في عالمٍ تتهدّده ظلال مُرعبة: ظلال ثقافة ترفض احترام الحياة في مختلف مراحلها؛ ظلال لامبالاة تترك ملايين البشر تحت وطأة الجوع والتخلّف؛ ظلال أبحاث علميّة هدفها الوحيد خدمة أنانية الأقوياء على حساب الضعفاء.

   من واجب كُل إنسان، تُضيف الرسالة، أن يشعر بالمسؤولية للعمل على سدّ عوز الكثيرين من إخوتنا. لا يُمكننا أن نقفل قلوبنا عن إغاثتهم مُدركين أيضاً أنّه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، بل "بالخبز النازل من السماء"، أي بيسوع المسيح.

   ويُضيف البابا في رسالته الختامية للمؤتمر القرباني الدولي في المكسيك يقول:" لقد أردت تخصيص هذه السنة لعبادة القربان المقدّس كُلّ يوم، وبنوع خاص يوم الأحد، ذكرى قيامة يسوع المسيح من بين الأموات، لأنّ الكنيسة تعيش من هذا السرّ العظيم. ثُمّ حث البابا المسيحيِّين في العالم كله على تكثيف عبادتهم وسجودهم للقربان المقدّس، والتزامهم الأخوي في خدمة المحتاجين. فالإفخارستيا هي نبع الوحدة وصورتها، ومبدأ الرسالة وبرنامجها.

  ثم ختم البابا رسالته بصلاة جاء فيها:"أمكث معنا يا ربّ!"، على غرار تلميذَي عمّاوس، نسألُكَ يا يسوع أن تمكث معنا!. يا خبز سفرنا الطويل إلى الأبديّة، ويا عالِماً بسبلنا وسابراً أعماق قلوبنا، لا تتركنا أسرى ظلال المساء. اعضدنا في وهننا وسامح إثمنا ووجّه خطانا نحو سُبل الخير.

   بارِك الأطفال والشباب والمُسنّين والعائلات، وخصوصاً المرضى. بارك الكهنة والمُكرّسين، بارك البشرية بأسرها. بسرّ القربان صرت "دواءً لعدم الموت" وهدفاً نبتغيه مدى الدهور. فامكث معنا يا رب، امكُث معنا! آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.