2004-10-16 15:44:45

إنجيل الأحد 17 أكتوبر تشرين الأول 2004: وقفة تأمل حول كلمة الحياة


            "وضرب لهم مثلا في وجوب المداومة على الصلاة من غير ملل، قال: "كان في إحدى المدن قاضٍ لا يخاف الله ولا يهاب الناس.  وكان في تلك المدينة أرملة تأتيه فتقول: "انصفني من خصمي".  فأبى عليها ذلك مدة طويلة، ثم قال في نفسه: "أنا لا أخاف الله ولا أهاب الناس، ولكن هذه الأرملة تبرمني، فسأنصفها لئلا تظلّ تأتي وتصدع رأسي".  ثم قال الربّ: "اسمعوا ما قال القاضي الظالم.  أفما ينصف الله مختاريه الذين يدعونه ليل نهار، وهو الذي يلطف بهم؟ أقول لكم: إنّه يسرع إلى إنصافهم.  ولكن أيجد ابن الإنسان يوم يأتي الإيمان على الأرض؟". (لوقا: 18/1-8) RealAudioMP3

 

التأمل

       لحظات الفتور الروحي تملأ حنايا حياتنا اليومية: نكلُّ من الصلاة، من عمل الخير، من المحبّة بلا غاية ولا حدود.  نكلّ من أخينا المحتاج، من مساعدة الفقير، من إعالة المريض، من عزاء المحزون، من الطلب بإلحاح من الله ...

       إن الكلل الروحيّ يولّد اليأس، واليأس يقود إلى الموت، لذا يدعونا الربّ يسوع في إنجيله إلى الصلاة بلا ملل، متضرّعين، طالبين على مثال تلك الأرملة التي ثابرت على طلب إنصافها حتى ممنّ لا يخاف الله ولا يحترم الناس.  ثابرت فنالت.  وما الأحرى بنا ونحن نطلب من ربّ الصلاح، خالق السماء والأرض وفاطر الإنسان على صورته ومثاله، أن يعطينا هو من لا حدود لعطائه ولا قيود لمحبته.  ولكن يتساءل يسوع في الإنجيل: هل سيجد ابن الإنسان يوم يأتي دياناً وقاضياً عادلاً، إيماناً على الأرض؟

       نعم، إن من يطلب بإيمان ينال نعمة الله، والإيمان غذاؤه الصلاة.  ولكن كيف نؤمن وقلوبنا مليئة بكبرياء اكتشافاتنا وإنجازاتنا البشرية الزائلة؟

       الأمر بسيط وسهل، لنعد كالأطفال ونتشبّه بهم!  الطفل عندما يفقد مرجعية حسية يؤمن ويحتذي بها، يلجأ إلى الخرافات والأساطير، إلى شخصيات مبدعة وكاملة من نسج الخيال.  وهكذا عندما نفقد نحن البالغين مرجعية حسية نؤمن بها لأن الاتّكال على المحدود خيبة دائمة، لنعد إلى طفولة الروح والإيمان بذلك الإله الخفيّ الذي لا تراه أعيننا ولا تلمسه أيدينا.  فهو البديل عن خرافات الطفولة وعدم المعرفة بماذا نؤمن.  لهذا دعانا المعلّم لنعود كالأطفال، لا بالجسد بل بالإيمان.  فهذا الإيمان الطفولي الواثق دليله الصلاة، صلاة "الطفل الصغير".  وهكذا وبفعل عمل الروح القدس يُكبح جماح رغباتنا الذاتية لغذاء أنانيتنا فتميل نفوسنا إلى حاجتها الحقّة وتعطش لبلوغ الحقيقة.  والحقيقة هي أكثر من خرافة وأسطورة، إنها يسوع المسيح.








All the contents on this site are copyrighted ©.