2004-09-30 16:28:10

حياة الطوباوي كارلوس، إمبراطور النمسا


يوم الأحد القادم، الثالث من شهر تشرين الأوَّل /أكتوبر/، يرأس قداسة البابا يوحنَّا بولس الثَّاني في الفاتيكان احتفال إعلان تطويب خمسة من خدام الله، من بينهم إمبراطور النمسا السابق كارلوس النمساوي.

وُلِدَ الإمبراطور كارلوس النمساوي في السابع عشر من آب /أغسطس/ من عام 1887، بالقرب من العاصمة فيينَّا من عائلة نبيلة. والده كان الدُّوق أوتو، وأمُّه الدوقة ماريا، ابنة ملك ساسُّونيا. كان حفيداً للإمبراطور فرنسيس وأميراً في بلاطه.

تزوَّج كارلوس عام 1911 من الأميرة زيتا بارما وأنجب منها ثمانية أولاد. كان زواجه سعيداً ووثيقاً برباط المحبَّة والأمانة. درس في جامعات فيينَّا وبراغ ثُمَّ دخل السلك العسكري كما كانت تقضي العادة بانخراط جميع أبناء العائلة المالكة في النمسا في الجيش، وتنقَّل كضابطٍ في مناطق عديدة من المملكة حتَّى أصبحَ قائداً أعلى للقوَّات المُسلَّحة.

في الحادي والعشرين من تشرين الثاني /نوفمبر/ من عام 1916، وفي سنَّ التاسعة والعشرين من عمره، اعتلى كارلوس عرش إمبراطوريَّة النَّمسا وتوِّجَ ملكاً على المجر في كانون الأوَّل /ديسمبر/ من العام نفسه.

تفرَّد بين جميع رؤساء الدول آنذاك بمحاولات بسط السلام في خضمِّ الحرب العالميَّة الأولى. وفي عام 1918 انحلَّت الإمبراطوريَّة النمساويَّة، وبعد مرور ستَّة أشهر، أي في بداية عام 1919 نُفِيَ الإمبراطور كارلوس إلى سويسرا.

بطلب من الحبر الأعظم البابا بندكتس الخامس عشر، حاول كارلوس استعادة عرشه في المجر لكونه ملكاً متوجًّا عليها أيضاً، ولكنَّ محاولاته باءت بالفشل، لخيانة وزيره هناك، فانطلق إلى منفاه في جزيرة MADEIRA بعد تجريده من كلِّ شيء حيث توفِّيَ فقيراً كما أحب، عام 1922 عن عمر خمسٍ وثلاثين سنة.

تميَّزَت روحانيَّة كارلوس النمساوي باتكاله التام على مشيئة الله، إذ كان يُردِّد على الدوام "لِتَكُن مشيئَتُكَ يا الله". كما أدركَ أيضاً أن المُلكَ مسؤولية قاسية تدفع على تحمُّل الآلام المُبرِّحة حتَّى تقدمة الذات من أجل الشعوب التي ألقى الله بمسؤوليَّتها على عاتق المَلِك. كما تميَّز أيضاً بإكرامه الحارّ لمريم العذراء أمِّ الله، لكون كلِّ حدثٍ هامٍّ في حياته كان يُصادف عيداً من أعيادها. كانت عبادته لقلب يسوع كبيرة جدًّا وكان يتناول القربان المُقدَّس يومياً.

كان عطفه على الفقراء عظيماً، وكان رئيس الدولة الأوَّل في أوروبا والعالم الذي يُنشئ وزارة تُعنى بالمساعدات الاجتماعيَّة والصحَّة. كما وضعَ خططاً للإصلاح الزراعي، وآليَّات لضبط الأسعار من أجل حماية العمَّال، وَرَفَعَ أجور الفقراء وأدخل المعاش التقاعدي. كما كان سبَّاقاً في إنشاء المطاعم الشعبيَّة، وبادر في محاربة الفساد وفوضى الإدارات العامَّة في زمن الحرب. وأسَّس صندوقاً لتوزيع المعونات الغذائية ساعد من خلاله نحو خمسة ملايين فقير... رقد بالرَّب، كما ذكرنا آنفاً، عام 1922، فلتَكُن صلاتُه معنا. آمين.








All the contents on this site are copyrighted ©.